لا يرشحهم ، حيث قال : ( يا بن عباس : إنّه لا يصلح لهذا الأمر إلاّ حصيف العقدة ، قليل الغرة ، لا تأخذه في الله لومة لائم ، يكون شديداً من غير عنف ، ليّناً من غير ضعف ، سخياً من غير سرف ، ممسكاً من غير وكف ...
قال ـ ابن عباس ـ : ثم أقبل عليّ بعد أن سكت هنيهة ، وقال : أجرؤهم والله أن يحملهم على كتاب ربّهم وسنة نبيّه لصاحبك ، أما إن ولي أمرهم حملهم على المحجة البيضاء والصراط المستقيم ).
وقرأنا عن عملية الشورى وما أورثت الأمّة من ويلات ، وأنّه لم يشتت بين المسلمين ولا فرّق أهواءهم إلاّ الشورى كما رآها معاوية ، ومرّ خبره نقلاً عن ابن عبد ربه في ( العقد الفريد ) (١) ، فراجع. ومرّت آراء آخرين في هذا.
وخدعة الشورى ما زالت نقطة مؤاخذة على من ابتدعها ، مهما تكلّف مَن حاول تبرير ما وقع فيها من الخطأ ، ولم يسع المؤرخون العمريون أن يتجاهلوا مواقف بني هاشم المستريبة منها والناقدة لما جرى فيها.
وقد قرأنا عن الإمام أمير المؤمنين عليه السلام بعض ما جرى له مع النفر المرشحين ، وقرأنا عن العباس ما رأى وما قال ، وقرأنا عن ابن عباس بعض ما قاله ، فكان الولد سر أبيه كما في المثل ، وعلى حدّ قول الشاعر : ( ومن يشابه أبه فما ظلم ).
لقد كان ابن عباس في رأيه كأبيه العباس داهياً ، ثم فاق أباه بعلمه
____________________
(١) موسوعة عبد الله بن عباس / الحلقة الأولى ٢ / ١٣٢.