فهؤلاء إثنا عشر علماً من أعلام السنّة فهم غير متهمين في رواياتهم لهذه المحاورة التي تدلّ على إنكار ابن عباس على عثمان في مسألة جمع القرآن حين قرن بين سورتي الأنفال وبراءة ولم يفصل بينهما بالبسملة ؛ وهي في مجملها تنسف أكذوبة أنّ عثمان هو الذي جمع القرآن ، كما يحلو للعثمانية تفضيله بها ، وقد مرّ ذكر بعض ما يتعلق بمسألة جمع القرآن في الجزء الثاني من الحلقة الأولى (١).
ولمّا كانت المسألة ذات أهمية بالغة في تاريخ جمع القرآن ، سأنقل هنا بعض ما مرّ للتنبيه على عبث الرواة في نصّ المحاورة ، وهي كما يلي برواية من تقدم ذكرهم :
( عن ابن عباس ، قال : قلت لعثمان بن عفان : ما حملكم على أن عمدتم إلى الأنفال وهي من المثاني (٢) ، وإلى براءة وهي من المئين (٣) ، فقرنتم بينهما ولم تكتبوا بينهما سطر ( بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ ) ووضعتموها في السبع الطوال ، ما حملكم على ذلك؟
فقال عثمان : إنّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كان ممّا يأتي عليه الزمان تنزل عليه السور ذات العدد ، وإن كان إذا نزل عليه الشيء يدعو بعض من يكتب
____________________
(١) موسوعة عبد الله بن عباس الحلقة الأولى ٢ / ٣٢٥ ـ ٣٢٨.
(٢) لأنها تلي المئين ، وإنما سميت بالمثاني لتثنية الله جل ذكره فيها الأمثال والِغَير والعِبَر ( تفسر الطبري ١ / ١٠٣ ط محققة ).
(٣) سميت بالمئين لأنها في عدد آياتها بلغت مائة آية أو تزيد عليها أو تنقص منها شيئاً يسيراً ( نفس المصدر ).