عنده ، فيقول : ( ضعوا هذه في السورة التي يذكر فيها كذا وكذا ) ، وكانت الأنفال من أوّل ما أنزل بالمدينة ، وكانت براءة من آخر القرآن نزولاً ، وكانت قصتها شبيهة بقصتها ، فظنت أنّها منها ، وقبض رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ولم يبيّن لنا أنّها منها ، فمن أجل ذلك قرنت بينهما ، ولم أكتب بينهما سطر ( بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ ) ووضعتها في السبع الطوال ) (١).
وقد استوحش الطبري شيخ المفسرين من هذا الخبر ، فقال : ( فهذا الخبر ينبئ عن عثمان بن عفان رضي الله عنه أنّه لم يكن تبيّن له أنّ الأنفال وبراءة من السبع الطوال ، ويصرّح عن ابن عباس أنّه لم يكن يرى ذلك منها ) (٢).
وللسيوطي في كتاب ( الإتقان ) تشريق وتغريب في هذا الخبر لرفع الغريب المعيب في جواب عثمان! بينما نَقل عن الحارث المحاسبي أنّ القرآن كان مجموعاً على عهد النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم ، فقال : ( المشهور عند الناس أنّ جامع القرآن عثمان ، وليس كذلك إنّما حمل عثمان الناس على القراءة بوجه واحد على إختيار وقع بينه وبين من شهده من المهاجرين والأنصار لمّا خشي الفتنة عند إختلاف أهل العراق والشام في حروف القراءات ... ) (٣).
وقد أكّد ابن الحصّار أنّ ترتيب السور ووضع الآيات مواضعها إنّما
____________________
(١) الإتقان للسيوطي ١ / ٦٢ ط حجازي بالقاهرة ١٣١٨ هـ ، كنز العمال ٢ / ٣١٧ط حيدر آباد الثانية.
(٢) جامع البيان ١ / ٧٠.
(٣) الإتقان ١ / ٦١.