يتّبع أمر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في قتاله الناكثين فهو يقتفي ما رسم له ، وقد مرّت أحاديث دالة على ذلك. وثمة أحاديث أُخرى في خصوص تسيير عائشة.
فقد روى أبو رافع عنه صلى الله عليه وآله وسلم أنّه قال لعليّ : ( سيكون بينك وبين عائشة أمر ، فإذا كان ذلك فأرددها إلى مأمنها ). قال ابن حجر : أخرجه أحمد والبزار بسند حسن (١). وأخرجه السيوطي في ( الخصائص ) عنهما وعن الطبراني (٢).
وفي حديث أم سلمة رضي الله عنها قالت : ( ذكر النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم خروج بعض أمهات المؤمنين ، فضحكت عائشة ، فقال صلى الله عليه وآله وسلم : ( أنظري يا حميراء (٣) ألاّ تكوني أنتِ ).
ثمّ التفت إلى عليّ ، فقال : ( يا عليّ إن وليتَ من أمرها شيئاً فأرفق بها ) (٤).
إذن فعلى الإمام عليه السلام أن يتفرغ لذلك.
قال طه حسين : ( وكان من الأمور ذات الخطر التي أراد عليّ أن يفرغ
____________________
(١) فتح الباري ١٦ / ١٦٥.
(٢) الخصائص ٢ / ١٢٧ ط حيدر آباد الأولى.
(٣) من الطريف أن ينكر ابن قيم الجوزية ورود حديث فيه لفظ ( الحميراء ) وتبعه في ذلك غير واحد. وكأنهم ـ فيما أحسب ـ من باب سد الذرائع عندهم انكروا ذلك ، لئلا يصدمهم حديث الحوأب وفيه ( إياك أن تكونيها يا حميراء ) ، أو يدمغهم حديث ام سلمة المار ذكره في المتن ، مع أن الأحاديث التي ورد فيها لفظ ( الحميراء ) نافت على العشرين ـ فيما أحصيت ـ وربّما فاتني غيرها. فلا يعقل أن تكون جميع تلك الأحاديث موضوعة ، وبينها ما هو ثابت بسند صحيح كحديث الحوأب ، وقد أدرجه ناصر الدين الألباني في كتابه سلسلة الأحاديث الصحيحة ١ / ٢٦٧ ـ ٢٧٧. وأفاض الكلام في سنده ودلالته ، والرد على من أنكره وهو سعيد الأفغاني ، فراجع ( إشعاع البتيراء على أحاديث الحميراء ) مخطوط للكاتب والبتيراء اسم للشمس كما في القاموس ( بتر ).
(٤) أخرجه الحاكم في المستدرك ٢ / ١٣٦ وصححه ، كما أخرجه البيهقي في الدلائل وغيره.