الشعر ... وأن ما استفدته أنا من كتب اللغة والفقه والحديث والتفسير والأدب والأخبار ... لا يقلّ عمّا أصبته في مطوّلات التاريخ ... ).
فهذا أيضاً جيّد ونهج قويم لو لم يقل : ( ولابدّ من الإشارة إلى أنّي جعلت أكثر اعتمادي ـ بعد البحث في المصادر التاريخية ـ على تاريخ الطبري خاصة ، فهو أقرب المصادر من الواقع ، وصاحبه أكثر المؤرخين تحرّياً وأمانة ، وعليه اعتمد كلّ من أتى بعده من الثقات. وليس الكامل لابن الأثير إلاّ تاريخ الطبري منسّقاً مختصراً منه الأسانيد واختلاف الروايات ، وحسبك أنّ ابن خلدون فيلسوف المؤرخين نقل عنه حوادث الجمل ثمّ أدلى بهذه الشهادة القيّمة : ( هذا أمر الجمل ملخصاً من كتاب أبي جعفر الطبري ، اعتمدناه للوثوق به ولسلامته من الأهواء الموجودة في كتب ابن قتيبة وغيره من المؤرخين ) (١).
فأين التحرّر الذي زعمه أوّلاً؟! ثمّ أين الدعوة إلى قراءة الحقائق التاريخية في كتب اللغة والفقه والحديث والتفسير ...؟! ولِمَ نعى على الآخرين الإقتصار على المصادر التاريخية فحسب؟ فما دام قد أكثر الإعتماد على الطبري وليكن الباقي مرجعاً ثانوياً أو لا يكون. وهو لئن قارب الصواب حيناً فقد جانبه أحياناً ، ولست في مقام المؤاخذة والحساب على ما وجدته من هنات وهفوات في كتابه. ولقد سجلت ما عندي على هوامش صفحاته حين قراءتي له.
____________________
(١) تاريخ ابن خلدون ٢ / ٤٢٥ مطبعة النهضة سنة ١٣٥٥ هـ.
أقول : لقد مرّ بالقارئ ما ذكرته من شواهد خداع وتضليل المؤرخين ما قاله ابن كثير ، ولدى المقارنة تبيّن ما ارتكبه من الخيانة. فراجع.