حتى تركتِ كأنّ أمركِ فيهم |
|
في كل ناحية طنينُ ذباب (١) |
قال ابن عباس : فوالله يعلم لبكت حتى سمعت نشيجها.
فقالت : أفعل ، ما بلد أبغض إليَّ من بلد لصاحبك مملكة فيه ، وبلد قتل فيه أبو محمّد وأبو سليمان ـ تعني طلحة بن عبيد الله وابنه ـ.
فقلت : أنتِ والله قتلتهما.
قالت : وأجلهما إلى سباق.
قلت : لا ولكنكِ لما شجّعوكِ على الخروج خرجتِ ، فلو أقمتِ ما خرجا.
قال : فبكت مرّة أخرى أشد من بكائها الأوّل. ثمّ قالت : والله لئن لم يغفر الله لنا لنهلكن ، نخرج لعمري من بلدك ، فأبغض بها والله بلداً إليَّ وبمن فيها.
فقلت : والله ما هذا جزاؤنا وما هي بأيدينا عندك ولا عند أبيك ، لقد جعلنا أباكِ صدّيقاً وجعلناكِ للناس أمّاً.
____________________
(١) ما أستشهد به الحبر ابن عباس من أبيات للحضرمي بن عامر الأسدي وقد ذكرها ابن دريد في المجتنى / ١٠٤ بتفاوت يسير ، وأولها :
ما زال إهداء الضغائن بيننا |
|
شتم الصديق وكثرة الألقاب |
حتى تركت كأن أمرك فيهم |
|
في كلّ مجمعة طنين ذباب |
أهلكت جندك من صديق فالتمس |
|
جنداً تعيش به من الأوغاب |
... الخ.