ثمّ خرج وسار إلى عليّ فأخبره بما جرى بينه وبين عائشة من الكلام.
فدعا عليّ ببغلة رسول الله صلّى الله عليه ( وآله ) وسلّم فاستوى عليها ، وأقبل إلى منزل عائشة ، ثمّ استأذن ودخل ، فإذا عائشة جالسة وحولها نسوة من نساء أهل البصرة وهي تبكي وهنّ يبكين معها.
قال : ونظرت صفية بنت الحارث الثقفية امرأة عبد الله بن خلف الخزاعي إلى عليّ ، فصاحت هي ومن كان معها هناك من النسوة وقلّن بأجمعهنّ : يا قاتل الأحبة ، يا مفرّق بين الجمع ، أيتم الله منك بنيك كما أيتمت ولد عبد الله بن خلف.
فنظر إليها عليّ فعرفها ، فقال : ( أما إنّي لا ألومك أن تبغضيني وقد قتلت جدك في يوم بدر ، وقتلت عمك يوم أحد ، وقتلت زوجك الآن ، ولو كنت قاتل الأحبة كما تقولين لقتلت مَن في هذا البيت ومن في هذه الدار ).
قال : فأقبل عليّ على عائشة ، فقال : ( ألا تنحين كلابك هؤلاء عني ، أمّا إنني قد هممت أن أفتح باب هذا البيت فأقتل مَن فيه ، وباب هذا البيت فأقتل مَن فيه ، ولولا حبّي للعافية لأخرجتهم الساعة ، فضربت أعناقهم صبراً ).
قال : فسكتت عائشة وسكتت النسوة فلم تنطق واحدة منهن.
قال : ثمّ أقبل على عائشة فجعل يوبّخها ويقول : ( أمركِ الله أن تقرّي في بيتك وتحتجبي بستركِ ولا تبرّجي ، فعصيته وخضّبت الدماء ، تقاتليني