يجمعوا لكم الخلافة والنبوة ) ثم قال أبو الفرج : ( ثم ذكر قصة طويلة ليس من هذا الباب فكرهت ذكرها ) (١) (؟).
ألا مسائل هذا الرجل : لماذا كره ذكر القصة الطويلة التي جرت بين عمر وبين ابن عباس؟ وكتابه ( الأغاني ) عيبة السفاسف ، ما ضاقت سطوره عن ذكر قصص الخلاعة والمجون ، وضاقت عن ذكر قصة ما جرى بين عمر وبين ابن عباس!
هذه عشرة نماذج لخمسة من أعلام المؤرخين ، فكم لهم من عشرات أمثالها ، وكم لغيرهم ممن لم نذكرهم انطوت صدورهم على مكنون علم غيبته الأهواء ، فضاعت على الباحثين دروب الإهتداء ، إنّ هذا البلاء ما فوقه من بلاء .. ( وَإِنَّ فَرِيقاً مِّنْهُمْ لَيَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ )(٢) ، ( وَاللّهُ أَعْلَمُ بِمَا كَانُواْ يَكْتُمُونَ )(٣).
أمّا عن إستغفال القراء من قبل الرواة والمحدثين بإستعمال الكناية عن الأسماء الصريحة ، والإشارة إليهم بفلان وفلان ، أو رجل من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، أو ، أو .. فذلك شيء كثير حتى استبشعه غير وا حد ، فصار يبحث عن أصحاب تلك الأسماء المغيّبة مثل الخطيب البغدادي الذي جمع مادّته فصارت كتاباً سمّاه ( الأسماء المبهمة في الأنباء المحكمة ) ، وهو كتاب جليل مفيد فخيم في علمه ، ضخيم في حجمه إذ بلغ ( ٦٨٣ )
____________________
(١) الأغاني ٩ / ٣٩ ط السادسه بمصر.
(٢) البقرة / ١٤٦.
(٣) المائدة / ٦١.