فقلت : ( نحن علمناكم السنّة ) (١) والله ما هو بيتك ، وما بيتك إلاّ الذي خلّفك رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم به وأمرك الله أن تقري فيه فلم تفعلي. إنّ أمير المؤمنين يأمرك أن ترجعي إلى بلدك الذي خرجتِ منه.
قالت : رحم الله أمير المؤمنين ، ذاك ابن الخطاب.
قلت : وهذا أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب.
قالت : أبيت أبيت.
قلت : ما كان إباؤكِ إلاّ فواق (٢) ناقة ، ثمّ صرت ما تُحلين ولا تمرِين ، ولا تأمرين ولا تنهين ، وما كنت إلاّ كما قال أخو بني أسد :
مـا زال إهـداء الصغـائر بيننا |
|
نثّ الحديث وكثرة الألقاب |
حـتى نزلتِ كأن صوتكِ بينهم |
|
في كل نـائبة طنـين ذباب |
فبكت حتى علا نشيجها (!!!) ثمّ قالت : نعم أرجع ، فإنّ أبغض البلدان إليّ بلدٌ أنتم فيه.
قالت ( كذا في المطبوع والصواب قلت ) : أما والله ما كان هذا جزاؤنا منك إذ جعلناك للمؤمنين أمّاً ، وجعلنا أباكِ لهم صدّيقاً.
قالت : أتمنّ عليَّ برسول الله يا بن عباس؟.
قلت : نعم ، نمنّ عليك بمن لو كان منك بمنزلته منا لمننتِ به علينا.
____________________
(١) علق الأفغاني في المقام بقوله : هكذا في شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ٢ / ٨٢.
(٢) الفواق : ما بين الحلبتين من الوقت ، لأنها تحلب ثمّ تترك سويعة يرضعها الفصيل لتدر ، ثمّ تحلب ـ مختار الصحاح.