تاريخ اليعقوبي (١) ، وابن زياد ولاه معاوية خراسان بعد وفاة أبيه زياد سنة ٥٤ هـ ، وليس بالضرورة أن يكون سؤاله لها أيام ولايته البصرة ، فيمكن أنّه سألها أيام أبيه. وإنّما الذي يهمنا هو تنبيه القارئ إلى أنّ المرجعية الرسمية للأحكام الشرعية يومئذ هي عائشة دون باقي أمهات المؤمنين وبقية فقهاء الصحابة والتابعين! ولذلك قلنا استبسل شرّاح الصحيح في سدّ الثغرات ، وزاد بعضهم فضاعف جهده لإثبات صحة رأي عائشة وتفنيد رأي ابن عباس حتى ولو كان رأيه موافقاً لرأي عمر ورأي عليّ وآراء آخرين من صحابة وتابعين ، بل تصاعدت حمّى الزهري ـ وهو من فقهاء البلاط الأموي ـ فجعل لها المنّة على المسلمين حيث كشفت لهم ما أستغلق عليهم فهمه كما سيأتي.
٣ ـ قال ابن التين :
( خالف ابن عباس في هذا جميع الفقهاء ، واحتجت عائشة بفعل النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم ، وما روته في ذلك يجب أن يصار إليه ، ولعلّ ابن عباس رجع عنه ، انتهى ) (٢).
ولفجاجة هذا الرأي وسماجة هذا القول تعقبه ابن حجر بقوله : ( وفيه قصور شديد ، فإنّ ابن عباس لم ينفرد بذلك ، بل ثبت ذلك عن جماعة من الصحابة : منهم ابن عمر : رواه ابن أبي شيبة عن ابن علية عن أيوب ، وابن المنذر من طريق ابن جريج كلاهما عن نافع عن ابن عمر كان إذا بعث
____________________
(١) تاريخ اليعقوبي ٢ / ٢١٢.
(٢) فتح الباري ٤ / ٢٩٤ ط مصطفى البابي الحلبي وأولاده بمصر سنة ١٣٧٨.