الحديث عَمرة بنت عبد الرحمن (١) ذكرت ذلك عن عائشة ولم تذكر عنها إنكاراً لذلك ، وفي سكوتهاـ على أقل تقدير ـ إمضاء لما جاء في الحديث ، وفي هذا حسب زياد وآل زياد ، وفي مقابل ذلك لا بد من تقديم ثمن لعائشة يساوي ما أخذوه من مثمن ، وهل من ثمن أكثر قيمة من إذاعة وإشاعة أنّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كان يبعث هديه من المدينة ، وعائشة هي التي تفتل القلائد للهدي ، وأبوها يسوق الهدي إلى مكة أو إلى منى ، ورسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لا يجتنب عما يجتنبه المحرم. وهكذا صار الحديث وكأنّه مناورة سياسية أكثر من بيان واقعة شرعية. واستمرت المناورة ـ فيما يبدوـ فقد ذكر السيد ابن عقيل أنّ زياداً كتب إلى عائشة كتاباً فيه : ( من زياد بن أبي سفيان وهو يريد أن تكتب له : إلى زياد بن أبي سفيان ليحتج بذلك ، فكتبت إليه من عائشة أم المؤمنين إلى ابنها زياد ) (٢).
وفي رواية ابن أبي الحديد قال : ( كتبت عائشة إلى زياد فلم تدر ما تكتب عنوانه ، إن كتبت زياد بن عبيد وابن أبيه أغضبته ، وإن كتبت زياد
____________________
(١) أتدري مَن هي عمرة بنت عبد الرحمن؟ كانت هي وأخواتها في حجر عائشة وعندها ( طبقات ابن سعد ٨ / ٣٥٣ ) افست ليدن.
وهي التي كتب عمر بن عبد العزيز في حقها إلى أبي بكر بن محمّد بن حزم : ان انظر ما كان من حديث رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أو سنة ماضية أو حديث عمرة فاكتبه فإني خشيت دروس العلم وذهاب أهله؟ يا لله يكون حديث عمرة بمنزلة حديث رسول الله ومثل السنّة الماضية في ميزان الاعتبار عند الخليفة الأموي؟ ولزيادة الاطلاع فان ابا بكر بن محمّد بن حزم هو زوج اختها؟ وراوي حديث الفتيا هو ابن اختها فظن خيراً.
(٢) النصائح الكافية / ٥٦ ط بمبي سنة ١٣٢٦ هـ.