ابن أبي سفيان أثمت فكتبت من أم المؤمنين إلى ابنها زياد ، فلمّا قرأه ضحك وقال : لقد لقيت أم المؤمنين من هذا نصبا ) (١).
وأخيراً نجحت بالتالي مؤامرة زياد ، فكتبت إليه كتاب شفاعة لمرة بن أبي عثمان مولى عبد الرحمن بن أبي بكر ـ وقال ابن الكلبي هو مولى عائشة ـ سأل عائشة أن تكتب له إلى زياد وتبدأ به في عنوان كتابه ، فكتبت إليه بالوصاة به وعنونته : إلى زياد بن أبي سفيان من عائشة أم المؤمنين ، فلمّا رأى زياد أنّها قدّمته ونسبته إلى أبي سفيان سرّ بذلك وأكرم مرّة وألطفه وقال للناس : هذا كتاب أم المؤمنين إليّ وفيه كذا ، وعرضه ليقرأ عنوانه ثمّ أقطعه مائة جريب على نهر الأبّلة ، وأمر أن يحفر لها نهرٌ فنسب إليه (٢).
وهذا ما أدركه علماء التبرير ـ ولا أقل بعضهم ـ إلاّ أنّهم تسللوا من وراء الأكمة لواذاً لئلا تصدمهم الحقيقة المرّة ، فتزل قدم بعد اهتزازها على أرضية هشة من المبررات التي ما أنزل الله بها من سلطان.
حتى قال بعضهم ممعناً في التبرير والتزوير ، فقال : ( وقع التحديث بهذا في زمن بني أمية ، وأمّا بعدهم فما كان يقال له إلاّ زياد بن أبيه ... وقبل استلحاق معاوية له كان يقال له زياد بن عبيد ، وكانت أمّه سمية مولاة الحرث بن كلدة الثقفي وهي تحت عبيد المذكور فولدت زياداً على فراشه ، فكان ينسب إليه ، فلمّا كان في أيام معاوية شهد جماعة على
____________________
(١) شرح النهج لابن أبي الحديد ٤ / ٧٦ ط مصر الأولى و ١٦ / ٢٠٤ تحـ أبو الفضل إبراهيم والقضايا الكبرى في الإسلام لعبد المتعال الصعيدي / ١٨٨.
(٢) راجع معجم البلدان ٥ / ٣٢٣ ( نهر مرّة ).