يترددون فيه ) ، قال : ( ولو أنّي استقبلت من أمري ما استدبرت ما سقتُ الهدى حتى اشتريه ، ثم أحلّ كما حلّوا ) (١).
وأوفى من ذلك حديث عطاء عن جابر بن عبد الله ، قال : ( أهللنا أصحاب رسول صلى الله عليه وآله وسلم بالحج خالصاً وحده ، فقدم النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم صبح رابعة مضت من ذي الحجة فأمر بعد أن قدم أن نحلّ ، فقال : ( أحلّوا وأصيبوا النساء ) ، قال عطاء : ولم يعزم عليهم أن يصيبوا النساء ولكنّه أحلّهن لهم.
قال عطاء قال جابر : فبلغه عنّا أنّا نقول : لمّا لَم يكن بيننا وبين عرفة إلاّ خمس ، أمرنا أن نحلّ إلى نسائنا ، فنأتي عرفة تقطر مذاكيرنا المني .. فقام النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم بيننا فقال : ( قد علمتم أنّي أتقاكم لله ، وأصدقكم وأبرّكم ، ولولا هديي لأحللت كما تحلون ، ولو استقبلت من أمري ما أستدبرت ما أُهديت ، فحلّوا ) ، قال : فأحللنا وسمعنا وأطعنا.
قال جابر : فقدم عليّ رضي الله عنه من سعايته ، فقال له النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم : ( بما أهللت؟ ).
قال : بما أهل به النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم.
قال : ( فاهدي وأمكث حراماً ).
قال : فأهدى له عليّ رضي الله عنه.
قال سراقة بن مالك بن جعشم : متعتنا هذه يا رسول الله لعامنا هذا أم للأبد؟
قال : ( بل لأبد ) (٢).
____________________
(١) سنن البيهقي ٥ / ١٩.
(٢) سنن البيهقي ٥ / ١٨.