ومخاتلته في حرب صفين ، وتراكمت التداعيات من بعد إستشهاد الإمام أمير المؤمنين عليه السلام ، وكلّما امتد الزمن بهما كثرت المحاورات بينهما ، ولمّا هادن الإمام الحسن عليه السلام حقناً للدماء ، بعد أن رأى خَوَر الكثير من أصحابه ، ونفاق بعضهم ممن استمالهم معاوية ، فكانوا له عيوناً في العراق ، فاستقامت لمعاوية بسياسة الخداع الحكومة ، وصار أهل البيت عليهم السلام وشيعتهم في ضنك وضيق ، فكانوا يفدون عليه بالشام لأخذ عطائهم ممّا يفوّقهم فيه تفويقاً ، ضغطاً عليهم وتضييقاً.
وكان ابن عباس أكثرهم جدالاً وجلاداً مع معاوية ، فهو حين يدمغه بالحجة ، يتركه مراوغاً بالمودة والنسب ، تفادياً من غرب لسانه.
فكان يتقيه ، وكان ابن عباس يتعمّد إساءته ويتطلب مناظرته ، لكن معاوية يتهرّب ما وسعه الهرب ، ويقول : ( ما باحثت أحداً في عقله أشد علماً من ابن عباس ) (١).
فقد روى الراغب الإصفهاني في كتابه ( محاضرات الأدباء ) في باب ذم المراء في المناظرة : أنّ ابن عباس قال لمعاوية : هل لك في مناظرتي فيما زعمت؟
قال : وما تصنع في ذلك فأشعب بك وتشعب لي ، فيبقى في قلبك ما لا ينفعك ، ويبقى في قلبي ما يضرك (٢).
____________________
(١) المقفى الكبير للمقريزي ٤ / ٥١٨ ط دار الغرب الإسلامية بيروت.
(٢) مخطوط المكتبة الرضوية برقم ( ٤٤٠٣ ) وفي المطبوعة بمصر ١ / ٣٤ ، والتذكرة الحمدونية ٢ / ١٤٤ ، وبهجة المجالس ١ / ٤٢٧ ـ ٤٢٨.