قال البلاذري في ترجمة ابن عباس في أنسابه : ( حدثني أبو مسعود الكوفي عمر بن عيسى ، قال : سمعت ابن كناسة يقول : لمّا قال عمر بن أبي ربيعة قصيدته التي أوّلها ( تشط غداً دار جيراننا ) أنشدها ابن عباس. فلما قال عمر : ( تشط غداً دار جيراننا ) ، قال ابن عباس : ( وللدار بعد غد أبعد ) ، فقال عمر : كذا والله قلت جعلت فداك ، فقال ابن عباس : الكلام مشترك ، فلما أنشده : ( تحمل للبين جيراننا ) ، قال ابن عباس : ( وقد كان قربهمُ يُحمد ) ، فقال عمر : كذا والله قلت ، وقبّل يده ) (١).
وقد كانت شواهد معرفته بالشعر الجاهلي التي يعترف له بها عمر وغير عمر ، جعلته يستخدم تلك المعرفة في كثرة استشهاده على غرايب المسائل ، بل ربما حتى في استكشاف الخبايا مع عمر وغيره ، كما في الخبر الذي رواه عمر بن شبّة في ( تاريخ المدينة ) ، قال : ( حدثنا أحمد بن معاوية بن بكر ، قال : حدثنا الوليد بن مسلمة ، عن عمر بن قيس ، عن عطاء ، عن ابن عباس رضي الله عنه ـ قال كنت عند عمر رضي الله عنه ـ وكنت له هيوباً ، وكان لي مكرّماً ، وكان يلحقني بعلّية الرجال ـ فتنفس تنفساً ظننت أنّ أضلاعه ستفصد ، فمنعتني هيبته من مسألته ، فقلت : يا أمير المؤمنين قاتل الله النابغة ما كان أشعره. قال : هيه ، قال : قلت خيراًً يقول :
وإن يرجع النعمان نفرح ونبتهج |
|
ويأت معداً ملكها وربيعها |
____________________
(١) أنساب الأشراف برقم ٨٩ نسخته مخطوطة بقلمي.