وناصحوا الاجتهاد للمسلمين ، حتى تهذّبت طرقه ، وقويت أسبابه ، وظهرت آلآء الله واستقرّ دينه ووضحت أعلامه ، وأذلّ الله بهم الشرك ، وأزال رؤوسه ، ومحا دعائمه ، وصارت كلمة الله العليا وكلمة الذين كفروا السفلى ، فصلوات الله ورحمته وبركاته على تلك النفوس الزاكية ، والأرواح الطاهرة العالية ، فقد كانوا في الحياة لله أولياء ، وكانوا بعد الموت أحياء ، وكانوا لعباد الله نصحاء ، رحلوا إلى الآخرة قبل أن يصلوا إليها ، وخرجوا من الدنيا وهم بعدُ فيها.
فقطع عليه معاوية الكلام ، وقال : أيهاً يا بن عباس حديثاً في غير هذا ).
تنبيه : ذكر هذا الحديث بطوله أبو الحسن المسعودي في مروجه (١) ، ولكن المحب الطبري ذكر في ( ذخائر العقبى ) (٢) ما قاله حبر الأمة في صفة الإمام عليّ بن أبي طالب عليه السلام فقط ، ولم يذكر ما قاله في الخلفاء ولا ما قاله في أبيه العباس ... إلى آخر الحديث ، ويبدو أن تزّيداً طرأ على الخبر من قِبل رواة السوء الضالعين في ركاب الأمويين ، فذكروا أسماء الشيوخ الثلاثة!
ولو كان الخبر صحيحاً بجميع فصوله ، لأورده المحبّ الطبري في ذخائره ، وكان هو أولى بذكره من المسعودي لو صح الخبر. على أنّ ثمّة ما يشير إلى سطو غير مغتفر قد جرى على فصول من كلام ابن عباس في
____________________
(١) مروج الذهب للمسعودي ٢ / ٨٢.
(٢) ذخائر العقبى / ٧٨.