قال : أيهاً يابن عباس لقد أكثرتَ في ابن عمك ، فما تقول في أبيك العباس؟
قال : رحَم الله العباس ، أبا الفضل ، كان صنو (١) نبيّ الله صلى الله عليه وآله وسلم ، وقرة عين صفي الله ، سيد الأعمام ، له أخلاق آبائه الأجواد ، وأحلام أجداده الأمجاد ، تباعدت الأسباب في فضيلته ، صاحب البيت والسقاية والمشاعر (٢) والتلاوة. ولم لا يكون كذلك وقد ساسه أكرم من دبّ.
فقال معاوية : أنا أعلم أنّك كلمانّي أهل بيتك.
قال : ولم لا أكون كذلك وقد قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : ( اللهمَّ فقهه في الدين وعلّمه التاويل ).
ثم قال : يا معاوية إنّ الله جلّ شأنه وتقدست أسماؤه ، خص نبيّه محمداً صلى الله عليه وآله وسلم بصحابة آثروه على الأنفس والأموال ، وبذلوا النفوس دونه في كلّ حال ، ووصفهم الله في كتابه فقال : ( رُحَمَاء بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعاً سُجَّداً يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِّنَ اللَّهِ وَرِضْوَاناً سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِم مِّنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْراً عَظِيماً )(٣) ، قاموا بمعالم الدين ،
____________________
(١) الصنو : هو النخلتان أو الثلاث من أصل واحد ، فكل واحدة منهن صنو. وفي الحديث ( عم الرجل صنو أبيه ) ( الصحاح ).
(٢) المشاعر في الحج المواقف ، ومنها المشعر الحرام بالمزدلفة.
(٣) الفتح / ٢٩.