قال : فقال عليَّ بالمقطّعات فلبسها. قال : ثم قال : عليَّ بعمامة له أسمها : تجوبية (١) فلبسها. وكان من أجمل الناس ، أمدَّهم جسمّاً وأحسنهم شَعَّراً ، وأحسنهم وجهّاً.
قال : ثم أتى مسجد دمشق فدخل ، فلمّا نظر إليه أهل الشام ، قالوا : من هذا؟ ما يشبه هذا إلاّ الملائكة ، ما رأينا مثل هذا! قالوا : هذا ابن عباس ، هذا ابن عم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، فجلس إلى سارية ، وتقوّض إليه الخلق ، فما سُئل عن شيء إلاّ أجابهم به من تفسير من كتاب الله ، ولا حلال ولا حرام ، ولا وقعة كانت في جاهلية ولا إسلام ، ولا شعر كان في جاهلية ولا إسلام إلاّ أجابهم به.
قال : ومعاوية لا يشعر بشيءٍ من هذا ، فانتبه ، فقال للآذن : أئذن لمن بالباب.
قال : أو بالباب أحد؟!
قال : فأين الناس؟
قال : ذهبوا إلى ابن عباس.
قال : هاه قد فعلوها! نحن والله أظلم منه ، وأقطع للرحم ، اذهب يا غلام ، وقل له : أجب أمير المؤمنين. فأتاه الرسول.
قال : فقال ابن عباس : إنّا بنو عبد مناف لا نقوم عن جليسنا حتى يكون هو الذي يقوم ، لكن قد تقاربت الصلاة فإذا صلينا أتينا أمير المؤمنين.
قال : فأتاه الرسول فأخبره. فقال : صدق ، دعه حتى يصلي.
____________________
(١) نسبة إلى تجوب وهي : قبيلة من حمير. القاموس / ٩٠.