قال : هيهات ليس إلى ذلك سبيل.
قال : فبقيت لي حاجة هي أهم الحوائج إلي ، وهي لك دوني.
قال : فأي حاجة لك هي لنا دونك؟ إنا نخاف أن نسارع إليها.
قال : عليّ بن أبي طالب قد كفاك الله مؤنته ، ومضى لسبيله ، وقد عرفت منزلته وقرابته ، فكفّ عن شتمه على المنابر.
قال : هيهات ليس إلى ذلك سبيل يا بن عباس ، هذا موضع دين ، إنّه غشّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، وسمَّ أبا بكر ، وذمّ عمر ، وقتل عثمان ، فليس إلى الكف عن سبيل.
فقال له ابن عباس : الله حسبك فيما قلت. ثم خرج فلم يلتقيا (١) ، أي لم يلتقيا بالشام ، وإلاّ فقد التقيا بالحرمين كما سيأتي.
وفي إحدى المرات التي وفد عليه بالشام صادف وفود جابر بن عبد الله ، استأذن على معاوية فلم يؤذن له أياماً ، ثم دخل فمثل بين يديه ، فقال : يا معاوية أشهد أنّي سمعت المبارك صلى الله عليه وآله وسلم يقول : ما من أمير احتجب عن الفقراء إلاّ احتجب الله عنه يوم يفتقر إليه.
فغضب معاوية ، وقال : يا جابر ألست ذكرت عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أنّه قال : ( يا معشر الأنصار سيصيبكم بعدي أثََرةً فاصبروا حتى تلقوني على
____________________
(١) الحدائق الوردية في مناقب آئمة الزيدية ، لحُمّيد الشهيد ( ت ٦٥٢ هـ ) ١ / ١٨٤ ـ ١٨٦ ، تحقيق د المرتضى بن زيد المحظوري الحسني مطبوعات مكتبة مركز بدر العلمي والثقافي صنعاء ط الأولى ١٤٢٣ هـ.