الطلب بدمه فرقة وسفك للدماء ، وانتهاك للمحارم ، وهذا لعمر الله ضرر على الإسلام وأهله ، وإنّ الله سيكفيك أمر سافكي دم عثمان ، فتأنّ في أمرك ، واتق الله ربّك ، فقد يقال لك : إنّك تريد الإمارة ، وتقول : إنّ معك وصية من النبيّ صلّى الله عليه ( وآله ) وسلّم بذلك ، فقول نبيّ الله صلّى الله عليه ( وآله ) وسلّم الحقّ ، فتأن في أمرك ، ولقد سمعت رسول الله صلّى الله عليه ( وآله ) وسلّم يقول للعباس : ( إنّ الله يستعمل من ولدك اثني عشر رجلاً منهم السفاح والمنصور والمهدي والأمين والمؤتمن وأمير العصب ) ، أفتراني استعجل الوقت أو أنتظر قول رسول الله صلّى الله عليه ( وآله ) وسلّم؟ وقوله الحقّ ، وما يرد الله من أمر يكن ولو كره العالم ذلك ، وأيم الله لو أشاء لوجدت متقدماً وأعواناً وأنصاراً ولكني أكره لنفسي ما أنهاك عنه فراقب الله ربّك ، وأخلف محمداً في أمته خلافة صالحة ، فأمّا شأن ابن عمك عليّ بن أبي طالب فقد استقامت له عشيرته وله سابقته وحقه ، وبحوله على الحقّ أعوان ونصحاء لك وله ولجماعة المسلمين ، والسلام عليك ورحمة الله وبركاته.
وكتب عكرمة ليلة البدر من صفر سنة ست وثلاثين ... اهـ ) (١).
فهذا الكتاب نموذج من تلك الأجوبة الليّنة والتي لم تجد الأرض الصالحة لتثمر نفعاً وقد استمر معاوية في خداعه ، وهو الآخر لم يجد الأذن الصاغية لاستماعه ، حتى إذا عظم الخطب ، واشتعلت نار الحرب ، تغيّرت اللهجة ، وتقارعت
____________________
(١) كنز العمال ١١ / ٣٣٣ ـ ٣٣٥ ط حيدر آباد الثانية برقم ١٣٢٦.