نهيتكم أن تسلّموا عليه بالإمارة فسلّمتم عليه بالنبوة ) (١).
وأطرف من هذا وذاك رؤيا عمرو للخلفاء الثلاثة ومعاوية فقصّها على معاوية ، فأجابه معاوية مستهزءاً به بما يأتي كما في ( معجم ما استعجم ) للبكري في مادة ( الحزورة (٢) ، فليقرأها القارئ ليعرف مكايدة أحدهما للآخر :
( وقال عمرو بن العاص لمعاوية : رأيت في منامي أبا بكر حزيناً ، فسألته عن شأنه ، فقال : وُكّل بي هذان لمحاسبتي ، وإذا صحف يسير ورأيت عمر كذلك ، وإذا صحف مثل الحزورة ورأيت عثمان كذلك ، وإذا صحف مثل الخندمة (٣) ورأيتك يا معاوية وصحفك مثل أحد (٤) وثبير.
فقال له معاوية : أفرأيت ثَمَّ دنانير مصر ( برابي مصر )؟ ) (٥).
فهذا الكلام هو رؤيا منام فإن صحت الأحلام ينبئ عن سوء عقيدة عمرو بن العاص بكلّ الخلفاء الذين ذكرهم ، فهو لم يقل عن واحد منهم لم يكن حزيناً ، وأن صحيفته خالية ممّا يؤاخذ ويحاسب عليه ، فقال عن أبي بكر رأيته حزيناً ، وقال عن عمر كذلك ، وعن عثمان كذلك ، وكلّ
____________________
(١) تاريخ الطبري ٥ / ٣٣٠ ط دار المعارف ، الكامل ٤ / ٧ ، البداية والنهاية ابن كثير ٨ / ١٤٠ ط السعادة بمصر.
(٢) الحزورة : موضع بمكة يلي البيت.
(٣) الخندمة : اسم جبل بمكة.
(٤) أحد : جبل تلقاء المدينة.
(٥) معجم ما استعجم٢ / ٤٤٥ ، تحقيق مصطفى السقى ط القاهرة ١٣٦٦ هـ.