وأمّا قتالنا أم المؤمنين : فبنا سميّت أم المؤمنين لا بك ولا بأبيك. فانطلق أبوك وخالك إلى حجاب مدّه الله عليها فهتكاه عنها ، ثم إتخذاها فتنة ( فئة ) يقاتلان دونها ، وصانا حلائلهما في بيوتهما ، فما أنصفا الله ولا محمّداً من أنفسهما أن أبرزا زوجة نبيّه وصانا حلائلهما.
وأمّا قتالنا إياكم : فإنّا لقيناكم زحفاً ، فإن كنّا كفاراً فقد كفرتم بفراركم منّا ، وإن كنّا مؤمنين فقد كفرتم بقتالكم إيانا ، فقد لقيت أباك وأنا مع إمام هدى ، فإن يكن على ما أقول فقد كفر بقتالنا ، وإن يكن على ما تقول فقد كفر به بهربه منّا ، وأيم الله لولا مكان صفيّة فيكم ، ومكان خديجة فينا لما تركت لبني أسد بن عبد العزى عظماً إلا كسرته.
فانقطع ابن الزبير ونزل خجلاً مغضباً ، وعاد إلى أمّه فسألها عن بردي عوسجة؟ فقالت : يا بني ما ولدتك إلاّ في المتعة ، ألم أنهك عن ابن عباس وعن بني هاشم ، فإنّهم كعُم الجواب إذا بدهوا ، فقال : بلى ، وعصيتك.
فقالت : يا بني إحذر هذا الأعمى الذي ما أطاقته الإنس والجن ، واعلم أنّ عنده فضائح قريش ومخازيها بأسرها ، فإياك وإياه آخر الدهر ). وقد أورد هذه الحادثة ابن أبي الحديد في شرح النهج (١) ، والراغب في محاضراته (٢) ، والمدني في ( الدرجات الرفيعة ) ، وعنهم نقلنا ما تقدم.
____________________
(١) شرح النهج ٤ / ٤٤٨٩ ـ ٤٩١.
(٢) محاضرات الراغب٢ / ٩٢.