الربع المسكون بل الى كل مكان باعتباره كذلك ومعلوم ان الشمس أكبر جرما من الأرض بكثير حتى انهم قرروا وبرهنوا على ان الشمس مقدار الأرض مأة وستة وستين مرة وربع مرة وثمن مرة ويلزم من ذلك كون المضيء من الأرض أكثر من نصفها دائما كما هو شأن كل كرة استضاءت من كرة أكبر منها كما في الشمس والقمر وغير ذلك واللازم من ذلك كون ظل الأرض مخروطا مستدقا تدريجا مثل شكل الصنوبرة واقعا في خلاف جهة الشمس دائما متحركا بحركتها وينتهي في ما بين الأفلاك كما هو مقرر أيضا.
فليس للأرض ظل عند السماء السابعة قطعا فضلا عما فوقها والزوال هو وقت وقوع الشمس على دائرة نصف النهار وميلها عنها يسيرا الى طرف المغرب وهو مختلف باختلاف الأماكن فلعل صلاته (ص) كانت في مكان تكون الشمس واقعة على تلك الدائرة اعنى دائرة سمت الرأس وبالنسبة إليه (ص) هناك وهو يجامع كون ذلك في الليل بالنسبة الى أهل مكة قطعا وعلى هذا فيحمل قرب الفجر على ما هو بالنسبة إليهم كما هو ظاهره فتدبر.
واما ما اشتهر بين أهل الهيئة من امتناع الخرق والالتئام في الأفلاك فإن الأدلة العقلية لم تقم على ذلك والنقلية منافية له ومعلوم انه ليس بممتنع لذاته وأدلة الاسراء وغيرها يدل على بطلانه وعموم القدرة الإلهية يدل على الإمكان والنقل المتواتر على الوقوع وما يدعيه بعض المنجمين والحكماء من الأفلاك والكواكب تؤثر في كل شيء ولا يؤثر فيها شيء فهو باطل بالضرورة عند أهل الشرع ولم يثبت له دليل معقول ولا ريب في ان اعتقاد ذلك يوجب الكفر وينافي الإسلام ويستلزم من المفاسد الدينية ما لا يعد ولا يحصى كبطلان الاسراء وسقوط التكليف وغير ذلك والله اعلم.