منى بمنزلة هارون من موسى الا انه لا نبي بعدي » (١) فاستثناء منزلة النبوة التي هي مختصة بهارون يوجب استثناء توابعها ولوازمها ومن جملة ذلك عدم جواز التقية على النبي صلىاللهعليهوآله وكما هو متفق عليه عند العامة ومشهور بين الخاصة وان كان فيه ما فيه ولما كان هارون نبيا لم تجز له التقية ولما كان على عليهالسلام اما ما جازت.
وهذا مما تقرر عندهم فتكون شبهة الفخر الرازي مما خرج بالاستثناء المذكور في هذا الحديث.
الثاني : لو سلمنا تساوى الحالين في جواز التقية لقلنا أنها مشروطة بالخوف قطعا فلعل هارون لم يخف بما قاله وعلى عليهالسلام خاف فلم يقل مثله لو سلمنا انه ترك الإنكار ولا يلزم تسليمه لما يأتي ان شاء الله تعالى وهذا وجه آخر للفرق بين الحالين وهو يظهر لمن تتبع الاخبار والآثار.
الثالث : ان هارون صرح بما صرح لأنه كما كان له ناصر وهو موسى فكان واثقا بأنه يكشف لهم الحال ويبين لهم الحق من الضلال وهم مقرّون بنبوته وهو غير متهم عندهم في صدق مقالته وعلى عليهالسلام لم يصرح كما زعمتم لأنه لم يكن له ناصر بعد موت النبي صلىاللهعليهوآله والحسنان عليهماالسلام كانا متهمين عندهم في ذلك فظهر الفرق ، وفي الاستثناء المذكور اشارة اليه واشعار به ومعلوم ان اختلاف الأحوال هنا يستلزم اختلاف الأحكام والفرق بين هذا والذي قبله ظاهر ، فإنه مع وجود الناصر يجب إظهار الحق وان بقي بعض الخوف والا سقط الجهاد.
الرابع : انه انما يلزم تساوى هارون وعلى عليهالسلام في المنزلة والتقرب الحاصلين لهما من موسى ومحمد صلىاللهعليهوآله وهذا هو الذي يفهم من الحديث فمن أين انه يجب تساويهما في جميع الأوصاف والأحوال والأفعال والأقوال وكيف يتصور ذلك مع ان الضرورة تدفعه فان هارون مات في زمان موسى ، وعلى عليهالسلام مات بعد محمد عليهمالسلام بثلاثين سنة وبينهما تفاوت عظيمة في العمر والأزواج والأولاد ، وهارون كان يعبد الله
__________________
(١) إحقاق الحق ج ٥ ص ١٨٦.