كالنكرة وكذا في كثير من الأحكام وقد تقرر ان ما أضيف إلى شيء من المعارف فحكمه حكم ما أضيف اليه الا ما استثنى وحينئذ فوصف جميع الخلائق بمغايرة الثقلين من حيث العموم والخصوص والكلية والجزئية والمغايرة صادقة بهذا القدر يعنى ان المراد بجميع الخلائق غير الثقلين وان كان كثيرا ما يطلق عليها خاصة بل المراد منهما الأعم من ذلك.
ويحتمل ان يراد المغايرة الحقيقية يعني حتى يموت جميع الخلائق الذين هم غير الثقلين من الملائكة وغيرهم ووجهه واضح فان موتهم متأخر عن موتهما أو موت بعضهم متأخر عن موت جميعها وهذا الوجه أقرب.
وثانيها : كون الا هنا عاطفة بمنزلة الواو وفي التشريك لفظا ومعنا كما قاله الأخفش والفراء ، وأبو عبيدة وجعلوا منه قوله تعالى : ( لِئَلّا يَكُونَ لِلنّاسِ عَلَيْكُمْ حُجَّةٌ إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا ) (١).
وقوله تعالى : ( إِنِّي لا يَخافُ لَدَيَّ الْمُرْسَلُونَ إِلّا مَنْ ظَلَمَ ثُمَّ بَدَّلَ حُسْناً بَعْدَ سُوءٍ ) (٢).
ااى ولا الذين ظلموا ولا من ظلم ولا يخفى ان لهما وجها آخر على تقدير الاستثناء المنقطع.
اما الأول : فإن الذين ظلموا يدعون الحجة مجرى الكلام على دعواهم واعتقادهم أو يقدر المستثنى منه فيقال ولا يدعيها أحد إلا الذين ظلموا.
وأما الثاني : فأوضح بناء على ما تقرر من عدم وجوب قبول التوبة وعدم ثبوت وجوب التكفير فإنه مثله يخاف من جزاء ظلمه وان بدل حسنا بعد سوء واما من لم يبدل ، فإنه لا يخاف لغلبة الشقا عليه ، ان الخوف إذ فرض كان حسنا بعد سوء.
__________________
(١) البقرة ـ ١٥٠
(٢) النمل ـ ١١.