السابع : ان عليا عليهالسلام علم ان إظهار هارون لم يفد شيئا مع ان دعوى بني إسرائيل كانت أوضح بطلانا وأبعد من الشبهة من دعوى الصحابة وعلى تقدير المساواة فالمطلب حاصل وعلى تقدير المرجوحية أيضا في هذا الجانب لظهور رجحان النبي على الوصي في احتمال القبول وإقبال القلوب قطعا فيقابل المرجوحية لو فرضت فلذلك لم يظهر إلا الإنكار لكونه عبثا لا فائدة فيه.
هذا ان سلمنا عدم إظهار الإنكار وتنزلنا عن النقل المتواتر من الجانبين الذي يفيد العلم مع خلو خاطر الناظر فيه من الشبهة والتقليد كما أشار إليه المحققون.
الثامن : انا لو قطعنا النظر أيضا عن ثبوت الإنكار من على عليهالسلام لقلنا لكل مقام مقال ويرى الحاضر ما لا يراه الغائب فلعل هارون علم حصول المصلحة في الإنكار فضلا عن انتفاء المفسدة وكان إنكاره سببا لتوبة جماعة كثيرة وانه لو لم يظهر ما أظهر وينكر ما أنكر لوقع أعظم مما حصل من الفساد واستولى الكفر والارتداد وعلم على عليهالسلام حصول المفسدة في الإنكار فضلا عن عدم المصلحة فلعله لو أظهر مثل هارون عليهالسلام على قول الرازي أو حارب القوم على قولنا لارتد كل من كان أظهر الإسلام أو أكثرهم أو ادعوا النبوة لشخص منهم أو أكثر أو نحو ذلك من الفساد فاختلاف الفعلين لاختلاف المصلحتين.
التاسع : انه لا يمتنع حصول القدرة لهارون دون على عليهالسلام الإظهار والإنكار وصعود المنبر والنهى عن المنكر وعدم حصول القدرة لعلي عليهالسلام بل حصول العجز له فقد بايع الناس غيره واستولى على المنبر ومنعوه منه ومعلوم ان تكليف مالا يطاق قبيح لا يجوز على الله عند أهل العدل ، والأدلة العقلية والنقلية واضحة كقوله تعالى ( لا يُكَلِّفُ اللهُ نَفْساً إِلّا وُسْعَها ).
العاشر : ان هارون لم يكن متهما في إظهار ما أظهر فإنه لم يدع الى نفسه وانما دعا الى عبادة ربه ونهاهم عن عبادة العجل فقال ( إِنَّما فُتِنْتُمْ بِهِ وَإِنَّ رَبَّكُمُ