لأنه على المخالفين مع فرض صحة قولهم وبيان ما يترتب عليه من الفساد ليظهر من بطلان اللازم بطلان الملزوم والله اعلم ، وجواز استدلاله عليهالسلام بالإجماع لا يستلزم جوازه لنا لأنهم عليهمالسلام قد استدلوا بالقياس والمصالح المرسلة وما هو أضعف منها ونهونا عن الاستدلال بها ووجهه ما ذكرناه.
قوله عليهالسلام فيه : ثم لم تخل تلك المعرفة من أن تكون ايمانا أو ليست بإيمان فان كانت تلك المعرفة من جهة الرؤية ايمانا فالمعرفة التي في دار الدنيا من جهة الاكتساب ليست بإيمان لأنها ضده فلا يكون في دار الدنيا مؤمن لأنهم لم يروا الله عزوجل.
أقول : هذا ظاهر وتوضيحه ان الايمان المقيد أو المشروط بالرؤية ضد الايمان غير المقيد والمشروط بها من حيث الاشتراط وعدمه أو من حيث ان الرؤية يستلزم الجسمية والاكتساب ينفى ذلك فظهران الايمان بأحدهما ضد الايمان بالآخر وتبين ان الايمان يتحقق بدون الرؤية فلا يكون شرطا فيه بل يكون عدمها شرطا وربما يعترض على ظاهره بأنه يمكن كون الايمان والمعرفة حاصلين بكل من القسمين وان كان أحدهما أقوى من الأخر.
والجواب : انه يمكن كونه إلزاميا للسائل بما يعتقده ويقبله فهمه ، أو لمن سأل السائل وامتحنه وكان ذلك حجة عظيمة عليهما كما في أمثال هذا الحديث ونظائره من احتجاج الأئمة عليهمالسلام على المخاصمين والمعترضين بحسب ما كان يقتضيه الحال وإلزامهم بأشياء بحيث لا يستطيعون الجواب عنها أصلا ويتركون مذاهبهم لأجلها ، وغيرهم يمكنهم الجواب عنها بسهولة بحسب الظاهر وهو من فضائل الأئمة عليهمالسلام وكمال فصاحتهم وبلاغتهم وتمام ملاحتهم لمقتضيات الأحوال وانهم كانوا يكلمون الناس على قدر عقولهم.
ويمكن كون الجواب احتجاجا على العامة القائلين بصحة القياس فإنه يلزمهم استحالة كون حكم الضدين واحدا لوجوب قياس كل ضد على ما يوافقه في العلة فيختلف الحكمان البتة فتأمل.