المختار والأئمة الأطهار (ع) الا القليل ولم يعرفوا قدر علوم أهل العصمة (ع) على التفصيل وطلبوا العلم من أهل الجهل وأنكروا وجود المتواتر مطلقا ثم أنكر اللفظي وادعى قلة المعنوي فكلمته وذكرت له أكثر ما تقدم ثم أوردت له مثالا لم يقدر على دفعه وإنكاره فقلت له انا نجزم بوجود ملك في الهند يقال له فلان فقال نعم.
فقلت : ولا نعرف شيئا من أحواله بطريق اليقين والتواتر من طوله ولونه وسنّه وخلقه وخلقه وطبعه ووصفه ومجلسه وطعامه وعسكره وخزائنه وعلمه وفصاحته وشجاعته ونحو ذلك وسبب جهلنا بأحواله عدم تفحصنا عنها وقلة تتبعنا لها ولو أردنا ذلك وصرفنا في تحقيقه أياما يسيرة لوجدنا في هذا البلد الذي نحن فيه أكثر من الف رجل من التجار وغيرهم ممن رأى ذلك الملك وجالسة وعاشره واطلع على أحواله فلو سألناهم وتتبعنا آثاره لعرفنا أكثر أحواله بطريق القطع والتواتر والاخبار المحفوفة بالقرائن بحيث لا يبقى عندنا فيها شك الا نادرا وبدون تفحص لا نطلع على تواتر شيء منها.
وهكذا من تتبع الأحاديث حق التتبع ومن لم يتتبع ومن عرف أحوال الرواة والكتب حق المعرفة ومن لم يعرف. ومن تأمل كتابنا الموسوم بتفصيل وسائل الشيعة علم ان أكثر مطالب الفروع انتهى الى حد التواتر المعنوي وكثير منها بلغ حد التواتر اللفظي حتى انا جمعنا في كتاب الطهارة وحده قريبا من أربعة آلاف حديث جمعناها من كتب كثيرة تقارب مائة كتاب وهو ثلاثة مسائل الوضوء والغسل والتيمم وكذلك سائر الكتب والأبواب ومن تأمل كتابنا في النصوص والمعجرات (١) تيقن انها كلها تجاوزت حد التواتر المعنوي وكثير منها تجاوزت حد التواتر اللفظي بشرط ان لا يغلب عليه الوسواس وان يعرف أحوال الرواة وأحوال الكتب حق معرفتها وانتفاء الشبهة والتقليد ولقد طال الكلام في هذا المرام لاقتضاء الحال والمقام وكونه من أمهات الأحكام ومن أكثر مطالب اولى الافهام والله الهادي
__________________
(١) وقد طبع أخيرا في ثلاث مجلدات بهمة بعض اصدقائنا من أهل الخير.