ورابعها : ان يراد عقول النساء مخفية في جمالهن لان جمالهن ظاهر للناس منظور للعقلاء ، وعقولهن لضعفها وندورها لا تظهر بالنسبة إلى الجمال فكأنه سترها وغطاها وأخفاها والقول في عقول الرجال وجمالهم بالعكس.
وخامسها : ان يراد عقول النساء كائنة في جمالهن بمعنى ان ذات الجمال منهن تميل النفوس إليها وتقبل القلوب عليها وترضى الناس عقلها وان كان ضعيفا فإن زيادة الجمال تجبره وغير ذات الجمال لا تميل إليها النفوس وان كان عقلها أحسن من عقل الجميلة فكان عقل كل واحدة منهن كائن في جمالها فالجمال يبديه ويقويه وعدمه يخفيه ويوهيه وان كان قربا بالنسبة الى ما دونه.
وسادسها : ان يكون استفهاما إنكاريا في الفقرتين كأنه قال أتظنون ان عقول النساء في جمالهن فأنتم تميلون الى الجميلة ولا تسئلون عن عقلها ليس الأمر كذلك بل العقل ينفك عن الجمال فيوجد منهما بدون الأخر فينبغي ان لا تكتفوا فيهن بالجمال بدون العقل بل يكون الغرض الأهم عندكم العقل ويكون الجمال مقصودا لكم بالتبعية لا بالأصالة.
ويؤيد ذلك ما روى في عدة أحاديث من النهى عن تزويج المرأة لأجل مالها أو جمالها والأمر بتزويجها لدينها (١).
وفي الحديث من كان عاقلا كان له دين (٢).
ومن المعلوم ان العقل الصحيح يدعو الى الدين ويهدى اليه ويدل عليه فوجود الدين دليل على وجود العقل وبالعكس وفي الفقرة الثانية كأنه عليهالسلام يقول تظنون ان جمال الرجال في عقولهم وحدها ، ليس الأمر كذلك بل لا بد من وجود العلم والدين والصلاح والكرم والشجاعة والمروة الى غير ذلك من أقسام صفات الجمال والكمال فان العقل المنفرد عن هذه الصفات وأمثالها ناقص غير كامل فلا تكتفوا بمسمى العقل بل اعتبروا تمامه ونقصانه بوجود جنوده وعلاماته التي هي المقصودة من جهال
__________________
(١) الكافي ج ٥ ص ٣٣٣
(٢) الكافي ج ١ ص ١١ ح ٦