مصروفة في قضاء الشهوات بقدر ما يقدر عليه فكأنه في جنة فان أورد عليه ان بعض الكفار يتحمل المشقة في عبادته الفاسدة فليخص بالأغلب.
ورابعها : ان يكون اللام في المؤمن والكافر لاستغراق أوصاف الكمال كما في قولنا الرجل زيد اى الكامل في أوصاف الرجولية فلا يكون عاما فيخرج الإفراد المشار إليها لنقصان الايمان والكفر فيهم.
وقد روى في الحديث ان أشد الناس بلاء في الدنيا الأنبياء ثم الأوصياء ثم الأمثل فالأمثل (١) وفيه دلالة على ما قلناه.
وخامسها : ان من كان في السجن فهو في مشقة وقد تحصّل له لذات كثيرة ومن كان في الجنة فهو في تنعم وقد يحصل له مشقة إذا كانت الجنة من جنان الدنيا فالدنيا سجن باعتبار المشقة التي تناله ، وجنة الكافر باعتبار اللذة التي تحصل له وسجن الدنيا يجامع اللذات أحيانا وجنة الدنيا تتجامع المشقة أحيانا ألا ترى انه قد وقع التكليف في جنة الدنيا وهو مستلزم المشقة.
وسادسها : ان السجن من شأنه الضيق والجنة من شأنها السعة والدنيا ضيقة بالنسبة إلى منزل كل مؤمن في الجنة واسعة بالنسبة إلى منزل كل كافر في النار والفرق بين هذا الوجه والأول لا يخفى لاختلاف وجه الشبه فيهما.
وسابعها : ان يكون المراد ان المؤمن يريد الخروج من الدنيا والوصول إلى الجنة لأنه يعترف بالجنة وبأنها خير له من الدنيا كما ان المحبوس يريد الخروج من الحبس والكافر لا يريد الخروج من الدنيا وان كان بعضهم يريد الخروج من حالة التي هو فيها الى حال أحسن منها لكنه لا يريد الخروج من الدنيا لعدم اعترافه بدار أخرى أحسن منها كما ان من كان في الجنة لا يريد الخروج منها ، فوجه الشبه ارادة الخروج منها وعدمه.
وثامنها : أن يكون خبرا بمعنى الأمر يعني ينبغي للمؤمن أن يجعل الدنيا على
__________________
(١) الكافي ج ٢ ص ٢٥٣ وفيه ثم الأماثل فالأماثل.