ثم أطال الكلام في وجه الاستدلال وذكر ما لا يليق نقله.
أقول : هذه الآية لا شبهة فيها ولا دلالة لها بوجه وقد عرفت سابقا جملة من الأجوبة الإجمالية وانى لا عجب ممن يستدل بها على مثل هذا المطلب.
قال المعاصر : الثالثة ( يا أَيُّهَا النّاسُ كُلُوا مِمّا فِي الْأَرْضِ حَلالاً طَيِّباً ) (١) ثم أطال الكلام فيها من غير طائل.
أقول : قد عرفت جملة من الأجوبة الإجمالية والتفصيلية خصوصا كونها متشابهة ومن خطاب المشافهة وليس بخطاب عام ولفظ من للتبعيض قطعا فزال عموم ما كما لو قيل خذ من الدراهم فصار اللفظ خاصا والقضية جزئية ولفظ في دالة على ما في بطن الأرض فلا يدخل ما عليها والتأويل لا بد له من دليل على انها مخصوصة بنوع واحدا عنى الأكل فأين الأنواع الباقية والأجناس الكثيرة والقياس باطل وفي الأرض تقديره حصل ، أو استقر ، أو هو مستقر في الأرض فهو حينئذ مخصوص بما كان موجودا وقت الخطاب لا دلالة له على ما يتجدد بعد ألف سنة وقوله ( حَلالاً طَيِّباً ) حال مقيدة للعامل فلا بد من تحقق وجود الحال بل عموم غيرها على تقدير وجوده مخصوص بها وإطلاق غيرها على تقدير تحققه مقيد بها ويخرج منها الخبائث وهي مجملة والآية تصلح دليلا لنا لا للخصم بل لا شبهة فيها أصلا عند المنصف وما نقله عن الطبرسي لا حجة فيه بل هو في محل المنع وأصله من علماء العامة القائلين بالإباحة وناهيك به ضعفا لأن غاية ما تدل عليه اباحة بعض الحلال الطيب بوجود من التبعيضية لا جميع حلال الطيب فضلا عن جميع ما في الأرض.
قال المعاصر : الرابعة ( خَلَقَ لَكُمْ ما فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً ) (٢) ثم أطال الكلام بما لا فائدة في نقله ولا شبهة في فساده.
أقول : قد عرفت جملة من الأجوبة التي يمكن ان يقال هنا ولا شبهة في أنها متشابهة فان كل لفظة فيها تحتمل وجوها كثيرة خصوصا اللام في لكم فقد ذكر
__________________
(١) البقرة ـ ١٦٨
(٢) البقرة ـ ٢٩