التقية من الأقل دون الأكثر ومن القرائن على التقية كثرة معارضاته ورجحانها فان باقي الأخبار التي ذكرها المعاصر لا دلالة لها كما يأتي.
ولا ريب ان أكثر العامة قائلون بمضمونه وح يتعين حمله على التقية وقد دل على ما قلناه حديث عمر بن حنظلة حيث قال فان وافقهم الخبر ان جميعا قال ينظر ما هم إليه أميل حكامهم وقضاتهم فيترك ويؤخذ بالآخر. ولو لم نذكر احتمالا سوى التقية لم يتجه المناقشة لأن احتمال التقية قائم قطعا فكيف وقد ذكرنا وجوها كثيرة فالاعتراض هنا بعيد عن الإنصاف.
ومنها : ان النهى قسمان نهى عام ونهى خاص والنهى العام بلغنا وهو النهى عن ارتكاب الشبهات والنهى عن القول بغير علم والنهى عن العمل على غير بصيرة وهذا وجه أشار إليه صاحب الفوائد المدنية ولم يذكره المعاصر لأنه لا يتجه عليه اعتراض.
وح لا يفيد الحديث الان الّا من لم تبلغه أحاديث التوقف والاحتياط وكان غافلا عنها ولا نزاع فيه لبطلان تكليف الغافل ومن بلغه ذلك النهى البليغ لم يكن كل شيء مطلقا له الا ما كان فيه نص عام أو خاص بالإباحة ولا معارض له أقوى منه فالحديث موافق لما نقوله. وبهذا يظهر بطلان ما نسبه المعاصر الى الصدوق من القول بأصالة الإباحة في الاعتقادات والفقه لان القدر الذي دل عليه الخبر يقول به أهل التوقف والاحتياط مع انه قد روى أحاديث التوقف والاحتياط في الفقيه وفي سائر كتبه ولم يتعرض لتأويلها ولا تضعيفها ولا أورد لها معارضا صريحا فكيف لا يكون قائلاً بمضمونها وكذلك الكليني وجميع علمائنا المحدثين.
والعجب ان المعاصر ادعى ان الكليني روى الخبر المذكور أنه قائل بأصالة الإباحة وهذا كذب وافتراء فان كتاب الكافي خال منه قطعا مشتمل على أحاديث التوقف والاحتياط من غير تأويل ولا تضعيف ولا معارض صريح في مقام التحريم فكيف لا يكون عالما بها (١) قائلاً بمضمونها وأي فائدة لقول غير المعصوم مع انه ليس بحجة.
__________________
(١) عاملا بها ـ خ ل