ومنها : ان المكلف حينئذ أوجب عليه الحكم بغير دليل لزم تكليف مالا يطاق والمفروض عدم الدليل وان جاز له ولم يجب لزم المحذورات السابقة فلم يبق الا الاختيار.
ومنها : ان الدليل الذي استدلوا به على الإباحة ضعيف جدا جوابه ظاهر ولا يجوز الحكم بغير دليل فتعين التوقف فإن العامة والخاصة القائلين بأصالة الإباحة استدلوا عليها بدليل واحد فقالوا : هذه منافع خالية من المفسدة والضرر على المالك فكانت مباحة كاستظلال بحائط الغير.
وجوابه ظاهر لأنه قياس وهو باطل ولأنه مصادرة فان الخلو عن المفسدة والضرر عين محل النزاع وإذا كان المالك هو الله فأي ضرر يتوجه عليه بالمحرمات التي تحريمها ثابت فظهر ان وجود الضرر على المالك هنا ليس بضابط للتحريم فلا وجه لذكره ، ودعوى عدم المفسدة لا يمكن إثباتها فكيف يقبله الخصم ومن تأمل ظهر له أنه استدلال بأصالة الإباحة على أصالة الإباحة
ومنها : ان ما استدل به المعاصر لو تم وخلا عن المعارض لا يدل على الإباحة الأصلية بل الشرعية فالدليل لا يطابق الدعوى ولا تثبت الشرعية بما ذكره إلا في أنواع خاصة لا نزاع فيها لا في جميع الأنواع إلا في طريق الحكم كما مر
ومنها : ان ما ذكروه من دليل الإباحة يعارضه دليل التحريم وضعفهما التوقف
ومنها ما اتفق العقلاء عليه من قبح التصرف في مال الغير بغير اذنه بل هو قبيح عقلا ونقلا فامتنع الجزم بالإباحة والتحريم وتعيين التوقف وهذا دليل القابل بأصالة التحريم ودلالته على التوقف يظهر لان الجزم بالتحريم أيضا تصرف بغير اذن بخلاف التوقف والاحتياط الثابت عقلا ونقلا
ومنها : ان التصرف في مال المخلوق وولايته وما يختص به قبيح عقلا ونقلا بغير اذن فكيف يجوز ذلك في مال الخالق وما يختص به من الأمور الدينية والأحكام الإلهية مع ان احترامه أوجب وعقوبته أبلغ وأشد فتعين التوقف مع عدم ظهور الاذن.