الموافقة » ، وأن يكون فعلا ؛ والمراد بمفهوم الموافقة : هو أن يجعل المسكوت عنه المسمّى بغير محلّ النطق موافقا للحكم مع محلّ النطق للاتحاد في العلّة أو اولوية غير محلّ النطق عن محلّه في العلّة إثباتا ونفيا كقوله تعالى : ( فَلا تَقُلْ لَهُما أُفٍّ ) (١) حيث جعل الضرب الذي هو غير محلّ النطق أيضا منهيّا عنه كالتأفيف الذي هو محلّ النطق حيث إنّ العلّة في النهي عن التأفيف هو الإيذاء وهو متحقّق في الضرب بالطريق الأولى.
وقوله : لأنّ غيره إلى آخره.
علّة لكون حمل غير البول عليه من باب مفهوم الموافقة بجعل علّة وجوب المرّتين في البول هو النجاسة وهي متحقّقة في غيره مع شدّة.
قوله : وهو ممنوع.
أي : كون غير البول أشدّ نجاسة ممنوع وضمير « هي » راجع إلى « غيره » وتأنيثه باعتبار تعدّده معنى.
وقوله : « إمّا مساوية أو أضعف حكما ». أي : بعض أفراده مساوله ، وهو كلّ ما لم يعلم فيه ما يوجب ضعف نجاسته أو شدّته ، فيحكم بالتساوي ؛ لأصالة عدم التفاوت من الجانبين ، أو كلّ ما يشابهه في عدم العفو عن قليله. وبعضه أضعف حكما ، وهو كلّ ما علم له حكم يوجب ضعف نجاسته كالعفو عن قليله.
وقوله : « ومن ثمّ عفي عن قليل الدم » تعليل لكون بعض أفراد غير البول أضعف.
أقول : يرد على الشارح :
أمّا أوّلا : فإنّ بعض أفراد غير البول أشدّ منه بالنص ؛ وهو المني ، روى محمّد بن مسلم في الصحيح عن أبي عبد الله عليهالسلام قال : « ذكر المني فشدده وجعله أشد من البول ». (٢)
وأمّا ثانيا : فإنّ العفو عن قليل الدم لا يدلّ على ضعفه حكما ، بل يمكن أن تكون العلّة هو عسر الاحتراز عن هذا المقدار من الدم لسرايته في جميع أجزاء بدن الانسان ، وإمكان خروجه من كلّ جزء منه.
ثمّ إنّه يرد أيضا على حمل المصنّف من باب مفهوم الموافقة : أنّ مفهوم الموافقة إنما
__________________
(١) الاسراء : ٢٣.
(٢) وسائل الشيعة : ٣ / ٤٢٤.