قوله : من غير أن تؤثّر نجاسته فيه.
الضمير في قوله : « فيه » يحتمل أن يكون راجعا إلى الماء وأن يكون راجعا إلى طعمه ، وأن يكون راجعا إلى الدبس.
وعلى التقادير الثلاثة يكون قوله هذا احترازا عمّا لو تغيّر طعم الماء بالدبس ، ومع ذلك ظهر في الماء أثر أصل النجاسة أيضا من طعمها أو ريحها أو لونها. فعلى الأوّل يكون المعنى : من غير أن تؤثر نجاسة الدبس في طعم الماء. وعلى الثالث يكون المعنى : من غير أن تؤثر نجاسة الدبس [ في الدبس ] بمعنى : أنّه ينجس الدبس ولم يتغيّر أحد أوصاف الدبس بالنجاسة حتّى يتغيّر بسببه وصف الماء بالنجاسة أيضا.
وأولى التقادير أوّلها لما في الثاني من التخصيص بالطعم مع أنّه لو تغيّر طعم الماء بالدبس ورائحته بالنجاسة ينجس الماء أيضا ، وفي الثالث من إمكان تأثير النجاسة في الدبس وعدم تأثيره في الماء ؛ فإنّه لا ينجس الماء بذلك ، إلّا أن يخصّ بالتأثير في طعم الدبس ، وهو أيضا تخصيص بلا مخصّص.
قوله : لا التقديري على الأقوى.
إشارة إلى خلاف العلّامة وولده فخر المحقّقين ، حيث ذهبا إلى وجوب تقدير التغيّر ووجوب تقدير النجاسة على أوصاف موجبة لحصول التغيّر
ثمّ التقدير يكون في صور :
أحدها : أن يكون النجاسة باقية على أوصافها الموجبة للتغيّر ، ولكن حصل في الماء ما يمنع عن احساس التغيّر كما إذا كان الماء أحمر بسبب عارضي كوقوع البقّم فيه ، ثمّ وقع فيه من الدم بقدر لو لا حمرة الماء لاحمرّ بالدم ، فيقدر التغيّر اللوني بالدم حينئذ.
وثانيها : أن يكون الماء باقيا على حالته الأصليّة ، ولكن زال عن النجاسة وصفها الأصلي الموجب للتغيّر ، كالغائط الذي زالت رائحته بسبب عارضي ، فيقدر بقاء الوصف ، ويقال بنجاسة الماء لو وقع فيه من هذا الغائط بقدر لو لم تسلب رائحته لكان موجبا لتغيّر رائحة الماء.