قوله : على الأصح.
إشارة إلى ما حكاه الشيخ والمحقّق عن بعض الأصحاب من أنّها إنّما يقصر في السفر خاصّة.
قوله : وحجّة.
مصدر بمعنى الاحتجاج مبتدأ خبره قوله : « مندفعة » والمراد من الآية قوله تعالى : ( وَإِذا ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلاةِ إِنْ خِفْتُمْ أَنْ يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا ). (١) وقوله : « حيث اقتضت الآية الجمع » أي اقتضت الجمع بين السفر والخوف فلا يقصر مع الخوف وحده.
ووجه اقتضائها الجمع أنّه سبحانه قال : وإذا ضربتم أي سرتم في الأرض فلا جناح من القصر بشرط الخوف ، فالقصر مشروط بكلّ من السفر والخوف.
و « الباء » في قوله : « بالقصر » سببيّة أي : الاندفاع بسبب [ أنّ ] القصر للسفر المجرّد عن الخوف ، فإنّ السفر إذا لم يكن معه خوف يوجب القصر بالإجماع ، فليس شرط القصر الجمع إجماعا ، فيكون الآية متشابهة ، فلا يمكن الاستدلال بها ؛ لأنّ الاستدلال إنّما يكون بالمحكم دون المتشابه ، والمحكم هنا : النص.
وهذا هو المراد بقوله : « والنص محكم فيهما » أي : المحكم في حكم السفر المجرّد عن الخوف ، والخوف المجرّد عن السفر هو النص حيث إنّه لا اشتباه فيه ، فيجب اتباعه ، وهو يدلّ على عدم اشتراط شيء منهما بالآخر.
ويمكن أن يكون قوله : « محكّم » ـ بالتشديد ـ من التحكيم بمعنى الحاكم يعني : أن الآية اقتضت الجمع بمعنى أنّ الخوف يستدعي القصر بشرط السفر ، والسفر يستدعيه بشرط الخوف ، والحاكم في هذين الحكمين النص ، فحكم لكلّ منهما بالقصر ، ولو بدون الآخر ، هذا.
ويمكن أن يكون الوجه في اندفاع الاحتجاج بالقصر للسفر المجرّد عن الخوف : أنّه يعلم من الخارج أنّ السفر المجرّد يوجب القصر ، ومع ذلك فلا معنى لجعله مشروطا
__________________
(١) النساء : ١٠١.