وأمّا التجنب عن منافيات المروّة ، فهو وإن كان شرطا في العدالة ، ولكنّه غير معتبر في العدالة المعتبرة هاهنا ، فيكون مآل القولين واحدا ، ويلزم من اشتراط التجنّب عن الكبائر اشتراط العدالة المعتبرة هنا عند القائلين به أيضا.
واعلم أنّه يجوز إرجاع الضمير في قوله : « وفيه نظر » إلى الإلحاق المذكور ، وكان النظر هو منع المساواة ، وبطلان القياس ، ويكون قوله : « والصغائر » ابتداء كلام يبيّن فيه اتحاد القولين وعدم اختلاف بينهما.
هذا ، ثمّ لا يخفى أنّه قد يفرّق بين القولين : بأن يكون المراد بالكبائر في هذا القول ما هي كبائر بالذات ، لا من حيث الإصرار. وقد يفرّق أيضا : بأنّ العدالة ملكة توجب التجنّب عن المعاصي ، فمن اشترطها اشترط الملكة ، ولا يلزم من اشتراطها اشتراط التجنّب مطلقا ، فالمكلّف في أوائل البلوغ إذا تجنّب المعاصي يصدق عليه التجنّب ، دون العدالة وكذلك الفاسق إذا تاب عن فسقه ولم تحصل له ملكة.
قوله : ومع ذلك.
أي : مع عدم اعتبار المروّة في العدالة ، أو مع ما ذكر من أنّ النص إنّما ورد في شارب الخمر ، ومنع التساوي وبطلان القياس ، أو مع ما ذكرنا من اتّحاد القولين.
قوله : ولو اعتبرت.
هو بيان مسألة وتحقيق حكم ، ولا يتوهّم أنّه استدلال من الشارح أو تأييد منه على عدم اعتبار العدالة ـ كما في المختلف ـ فإنّه لا معنى حينئذ لقوله : « وخروجه بالإجماع موضع تأمّل ».
قوله : وتعذّر الشرط.
فإن قيل : الإيمان شرط بالإجماع ، وقد اسقط اعتباره في الطفل لتعذّره منه ، فكذا العدالة.
قلنا : لا نسلّم تعذّره منه ؛ لأنّهم أجمعوا على تبعيّة الطفل لأبويه في الإيمان دون العدالة.
قوله : ويعيد المخالف الزكاة.
أي : إذا استبصر ، أو مطلقا بمعنى : أنّه تجب عليه الإعادة حين كونه مخالفا أيضا.