وعلى هذا فالمراد من قولهم هذا : أن الدلال الواحد لا يجمع بين الاجرتين لعمل واحد هو بيع واحد ، وإن توقّف على أمرين : الإيجاب الذي أمره البائع ، والقبول الذي أمره المشتري ؛ فإن هذا أمر واحد عرفا ، بل له اجرة واحدة على البائع والمشتري.
قوله : إلّا بتفريط.
لما كان معنى التفريط عرفا هو : التقصير والمساهلة في المحافظة فإبقاؤه على معناه يوجب عدم ضمان الدلال لو تعدّى عن الحد شرعا بأن يضع المتاع وأتلفه بقصده واختياره فأراد الشارح توجيه كلام المصنّف فقال : إن المراد بالتفريط ليس هو التقصير وحده ، بل المراد به ما يشمل التعدي عن الحد الواجب شرعا أيضا.
وقوله : « مجازا » مصدر ميمى بقرينة قوله : « أو اشتراكا » ومتعلّق بالإرادة أي : حال كون تلك الإرادة ـ أي : الاستعمال ـ تجوزا أو اشتراكا أي : استعمالا للفظ المشترك في المعنيين وقوله : اشتراكا مصدر بمعنى المفعول بقرينة قوله : « مجازا ». وهما حالان عن التفريط مع هذه الإرادة مجازا فيما يشمل أو مشتركا. والمراد بالمجاز والاشتراك هنا :عموم المجاز وعموم الاشتراك بقرينة قوله : « ما يشمل » ، ويحتمل إرادة نفس المجاز والمشترك بجعل الموصول هو المعنيان معا ، لا واحدا يشملهما والترديد بين المجازية والاشتراك ؛ لأجل ما في كتب اللغة من تفسير التفريط بالمعنيين معا ، فيحتمل التجوّز والاشتراك.
خاتمة في الاقالة
قوله : سواء وقعت بلفظ الفسخ أم الإقالة.
ردّ على بعض الشافعية حيث فرّق بينهما ، فخصّ الخلاف بما إذا ذكرت بلفظة « الإقالة » دون « الفسخ ».
قوله : في حقّ المتعاقدين إلى آخره.
هذا ردّ على أبى حنيفة وأبي يوسف القاضي حيث إنّهما يقولان بأنّ الإقالة فسخ في حقّ المتعاقدين ، لا بيع ، فلا يترتّب عليه لوازم البيع من خيار الغبن وغيره ، ولكنه بيع في حقّ الشفيع بمعنى : أنه يترتّب عليه آثار البيع بالنسبة إليه فله أخذ ما فسخه أحد الشريكين بعد ابتياعه من ثالث بسبب الشفعة.