وجه الدلالة : أنّ الآية والحديث يدلّان على لزوم كلّ عقد وشرط ، وهذا أيضا عقد وشرط ، فيكون لازما ، وقد سبق أن كلّ عقد لازم يفتقر إلى إيجاب وقبول ، فهو اكتفى عن الكبرى بما سبق ، وعن الصغرى بذكر سنده.
قوله : على ما لا يوثق بحصوله.
وذلك لأنّ العوض إنّما هو على السبق. ويحتمل أن لا يكون لأحدهما سبق ، بل تساويا ، فلا وثوق بحصول ما يبذل العوض عليه.
قوله : وهو موضع النزاع.
لأنّ من يجعله جعالة يقول بعدم احتياجه إلى لفظ ، فلا يكون عقدا.
قوله : لزوما وجوازا.
متعلّقان إمّا بقوله : « بمقتضاه » أو بقوله : « العمل » يعني : من حيث اللزوم والجواز. والمراد أنّ الوفاء بالعقد هو العمل بما يقتضيه من حيث اللزوم والجواز بأن يعمل به بنوع اللزوم إن كان لازما ، وبنوع الجواز إن كان جائزا ، لا أنّه هو العمل بمقتضاه لزوما.
قوله : العمل بمقتضاه دائما.
لا يقال : هذا لا يصلح ردّا لما ذكره المستدل من أنّ الوفاء به هو العمل بمقتضاه لزوما وجوازا ؛ لأنّ معناه أيضا العمل بمقتضاه من حيث اللزوم والجواز دائما ، فلا يردّه قوله : « والأصل في الوفاء العمل بمقتضاه دائما ».
لأنّا نقول : إنّ معنى العمل بمقتضاه جوازا أن يترك في بعض الأوقات مقتضى العقد أي :يكون مقتضاه ترك العمل به أحيانا فيصح ردّه : بأنّ معنى الوفاء العمل بمقتضاه دائما. هذا إذا تعلّق « لزوما » و « جوازا » بالمقتضى ، وأمّا إذا تعلّق بالعمل ، فيكون المعنى : يجوز العمل بمقتضاه ، ويجوز تركه ويكون وجه الرد حينئذ أوضح.
وقوله : « وخروج العقد الجائز » ردّ لقوله : « وإلّا لوجب الوفاء » يعني ، أنّ عدم وجوب الوفاء بالعقود الجائزة وخروجها من باب تخصيص العام حيث إن العقود في الحديث ( كذا ) عامّ ، فيشمل جميع العقود ، ثم وقع التخصيص في بعضها فيبقى العموم حجّة في الباقي.