قوله : ولا فرق في ذلك إلى آخره.
توضيح المقام : أنّه إذا أوصى بصيغة الجمع فإمّا أن يكون بصيغة جمع القلّة أو جمع الكثرة ، وعلى التقديرين : فإمّا يقدّر للوصية ما لا أو لا ، فالصور أربع. فإن أوصى بصيغة جمع القلّة أجزأت الثلاثة سواء قدّر لها مالا بأن يقول : اعتقوا عنّي أعبدا بالف أولا ، بأن يقول : اعتقوا عني اعبدا فلو أمكن في الاولى شراء ثلاثة نفيسة من الأعبد بألف ، أو أربعة خسيسة به تخيّر. وإن أوصى بجمع الكثرة فإمّا أن يطلق أو يقيّد بمقدار من المال ، فإن أطلق أجزأ الثلاثة ؛ لأنّها أقلّ محتملات الجمع ، وإن قيّد بمقدار من المال كأن يقول : اعتقوا عبيدا عنّي بألف فإمّا أن لا يصلح الألف إلّا لأقل الجمع بأن يشتري الخسيس فيقتصر عليه ، أو يصلح لشراء ما يوافق جمع الكثرة بأن يشتري خسيسه وما يوافق الأقل منه. فذهب العلّامة في القواعد في هذه الصورة إلى وجوب شراء الموافق لجمع الكثرة ولا يجوز للوارث إلّا شراء الخسيس ، واستدل : بأنّ جمع الكثرة لما فوق العشرة ، وتعيين قدر المال مع احتماله الزائد مؤكّد لمفاد الجمع ، ودليل على إرادة الزائد ، بل قال بوجوب شراء أكثر ما يصلح له ، وإن كان أقل ممّا يوافق جمع الكثرة ؛ لوجوب التوصل إلى ما يقرب الحقيقة مهما أمكن. فقول الشارح : « ولا فرق » إلى آخره إشارة إلى الرد على العلّامة ، وإبطال هذه التفرقة. ووجهه : أنّ استعمال جمع الكثرة فيما فوق العشرة إن كان حقيقة ، فيجب أن لا يفرق إذا أوصى بصيغة جمع الكثرة بين ما إذا قدّر للوصية مالا ، وعدمه في وجوب تحرّي ما زاد على الثلاثة وإن لم يكن حقيقة فيجب أن لا يصار إليه ، إلّا مع القرينة الصارفة ، وصلاحيّة المال له بعد صلاحيته لما دونه أيضا ليست قرينة دالّة على إرادة ما فوق العشرة أصلا.
قوله : من جميع التركة ثلثه.
لفظة « من » إمّا تبعيضية ـ أي : الفاضل عن الدين الذي هو بعض جميع التركة ـ أو بيانية يبين الموصول في الفاضل أي : الفاضل عن الدين الذي هو جميع التركة ، فعلى الأوّل يكون المراد بجميع التركة : جميع ما خلفه قبل أداء الدين. وعلى الثاني ينظر إلى أن ما قابل الدين ليس حقيقة من التركة.