إلى أنْ قال : ( ثمّ بعد ذلك أطلقوا القول في مسألةٍ أُخرى مشهورة ، وهي أنّه لو خرج ناوي المقام عشرة إلى ما دون المسافة ، فإنْ كان عازماً على العود إلى المحلّ الذي عزم فيه على مقام العشرة ، وتجديد إقامة عشرة مستأنفة ، أتمّ ذاهباً إلى مقصده ، الذي هو فيما دون المسافة ، وفي المحلّ المقصود ، وآئباً إلى موضع الإقامة. وإنْ عزم على العود من دون إقامة عشرة مستأنفة بل إمّا لإكمال العشرة الأُولى ، أو لا فإنه يقصّر ذاهباً وآئباً على قول الشيخ (١) والعلّامة (٢) رحمهالله ، وآئباً لا غير عند الشهيد (٣) ، والشيخ علي (٤) ، وجماعةٍ (٥). وإنْ عزم على مفارقة موضع إقامة العشرة من غير عودٍ إليه بالكلّيّة ، فإنّه يقصّر بمجرّد خروجه ، لكن بعد مجاوزة حدود الإقامة أي موضع سماع الأذان ورؤية الجدران ، ولو تقديراً على قولٍ ، أو بمجرد الحركة على قول آخر إلى آخر ما فصّلوه في هذه المسألة ).
إلى أنْ قال : ( ولم يفرِّقوا في إطلاق كلامهم فيها ، بين كون الخروج المذكور بعد الصلاة تماماً ، في محلّ الإقامة ، أو قبله ، ولا بين الخروج قبل إكمال العشرة ، أو بعده. بل عبّروا [ بعبارات (٦) ] متقاربة ، تشمل جميع هذه الموارد. وبجميع عباراتهم التقييد بكون الخروج إلى ما دون المسافة ) (٧) .. إلى آخر ما ذكره رحمهالله في تلك الرسالة.
والاستشهاد بكلامه فيها ؛ لما ذكرناه في الاستشهاد بكلامه في ( المسالك ) ، من مطابقة قولنا لفتوى الأصحاب ، والتنبيه على ما فيها من الصعوبة والاضطراب.
وقال المحدِّث المنصف المبرور ، الشيخ يوسف آل عصفور ، في رسالته الصلاتيّة ، وشرحها ما لفظه : ( المقيمُ الخارج بعد العشرة ، أو في أثنائها ، إلى ما دون المسافة ، ممّا يزيد على محلِّ الترخّص ، إِنْ عزم العود إلى موضع الإقامة بعد
__________________
(١) المبسوط ١ : ١٣٨.
(٢) التحرير ١ : ٥٧.
(٣) البيان : ٢٦٦.
(٤) جامع المقاصد ٢ : ٥١٥.
(٥) الحدائق ١١ : ٤٨٥ ، مفتاح الكرامة ٣ : ٥٩٥ ، جواهر الكلام ١٤ : ٣٦٤.
(٦) في المخطوط : ( بعبارة ) ، وما أثبتناه من المصدر.
(٧) رسائل الشهيد الثاني : ١٦٨ ، ١٦٩ ، ١٧٠.