خروجه ، والإقامة فيه ثانية ، أتمّ مطلقاً أي في حال الذهاب والإياب ، وفي الموضع الذي ذهب إليه ، وفي محلّ الإقامة لأنّه بنيّة التمام ، وقد وجبت عليه الصلاة تماماً ، حتى يقصد المسافة ، وإلّا أي وإنْ لم يقصد الإقامة ثانياً فأقوالٌ :
أحدها : ما نقل عن العلّامة رحمهالله من وجوب التقصير بمجرّد الخروج ؛ مُعلِّلاً ذلك ببطلان حكم البلد بالمفارقة ، فيعود إليه حكم السفر.
ولا يخفى ضعفُه ؛ لمنافاته الروايةَ الصحيحة (١) ، الدالّة على وجوب الإتمام ، بعد النيّة والصلاة تماماً ، إلى أَنْ يقصد المسافة.
نعم ، لو كان عزمه بعد العود قصد المسافة ، أمكن ذلك. إلّا إنَّ جمعاً من الأصحاب نقلوا الإجماع على عدم ضمّ الإياب إلى الذهاب في غير قصد الأربعة الفراسخ ؛ فإن تمّ ، وإلّا كان ما ذكروه متّجهاً في خصوص هذا المفرد.
ومنها : وجوب الإتمام في الذهاب ، والتقصير في الرجوع.
وهو على إطلاقه مشكلٌ ؛ لأنّه إنّما يتمُّ بالنسبة إلى مَنْ قصد بعد العود المسافة ، دون مَنْ رجع ذاهلاً ، أو متردّداً.
وكيف كان ، فإنّ هذه الأقوال أظهرُها هو أنَّه إِنْ عزم العود ، وقصد المسافة بعد عوده ، أتمّ في الذهاب خاصّة دون العود ، على إشكالٍ في ذلك أيضاً ؛ لأنّ التمامَ في الذهاب ، والتقصير في العود مبنيٌّ على الإجماع المدّعى على عدم ضمّ الذهاب إلى الإياب في غير قصد الأربعة الفراسخ. وثبوتُ الأحكام عندنا بمثل هذه الإجماعات ، سيّما مع خلوّ كلام المتقدمين منها ، في غايةٍ من الإشكال.
ومتى أغمضنا النظر عن الإجماع ، كان الواجب القصر بمجرّد الخروج كما هو المنقول عن العلّامة (٢) رحمهالله وقصّر في العود ؛ لأنّه بعوده وإرادة قصد المسافة ، يصير مسافراً ، فيجب عليه القصر وكذا يقصّر في محلّ الإقامة ، على تردّدٍ في الموضعين ،
__________________
(١) التهذيب ٣ : ٢٢١ / ٥٥٣ ، الإستبصار : ٢٣٨ / ٨٥١ ، الإستبصار ١ : ٢٣٨ / ٨٥١ ، الوسائل ٨ : ٥٠٨ ، أبواب صلاة المسافر ، ب ١٨ ، ح ١.
(٢) تحرير الأحكام ١ : ٥٧.