طهارة حين الاشتغال به أم لا ، كان حكمه البناء على الصحّة ، وإنْ شكّ فيها في أثنائه حكم بالبطلان ؛ لوجوب إحراز الشرط بالنسبة إلى الأجزاء المتأخّرة عن الشكّ.
فأورد عليه في ( المدارك ) (١) بأنّ ما ذكره غير جيّد ، وخلاف الأُصول المقرّرة ، وذكر أنّه إنْ كان شكّه في تحقّق الطهارة حين الطواف من جهة احتمال عروضِ حدثٍ بعد أنْ كان محرزاً للطهارة قبل الشروع في الطواف كان حكمه البناء على عدم عروض الحدث في الحالتين ، أي سواء كان شكّه في أثناء العمل أو بعده ، استصحاباً للطهارة السابقة. وإنْ كان شكّه في الطهارة مع إحرازه الحدث أوّلاً لكنّه يحتمل التطهر بعده قبل الشروع في العمل ، كان حكمه البناء على عدم حصول الطهارة في كلتا الحالتين استصحاباً للحدث السابق.
فالظاهر أنّ مراده بالأُصول المقرّرة البناءُ على قاعدة الاستصحاب ومقتضاه عدم العمل بما دلّ على قاعدة الشك بعد الفراغ في الشك في الشرائط مطلقاً ، لا أنّ مقصوده من كونه خلافها اختصاص قاعدة الشك ، بعد الفراغ بالصلاة ؛ بناءً على ورود أدلّتها في خصوصها ، فلا تجري في غيرها وإنْ جرت في الشكّ في الشرائط أيضاً بالنسبة إلى الصلاة ؛ لتمسّكه بها في غيرها كالحجّ ، فليس مراده من الأُصول المقرّرة إلّا الاستصحابات العدميّة ؛ بناءً على عدم حكومة هذه القاعدة عليها بالنسبة إلى الشكّ في الشرائط.
وذكر أيضاً كاشف اللثام نظير هذا الكلام إلّا إنّه عقَّبه بقوله : إنّما الشكّ في الأفعال (٢). وهو صريح في عدم جريانها في الشرائط.
وقيل : إنّه إنّما يجب إحراز الشرط المشكوك فيه ولا يعمل بقاعدة الشكّ بالنسبة إلى خصوص ما لم يشرع فيه من الأعمال ، وأمّا ما شرع فيه فيبني على صحّته وجامعيّته للشرائط عملاً بقاعدة الشكّ وإنْ وقع الشكّ في أثنائه ، كما اختاره العلّامة
__________________
(١) مدارك الأحكام ٨ : ١٤١.
(٢) كشف اللثام ٥ : ٤١١ ، وفيه : ( ولا يفترق الحال في شيء من الفروض بين الكون في الأثناء وبعده ، وليس ذلك من الشك في شيء من الأفعال ).