ومتى تعدّد القائم بطرفيه كان تعدّد الموجب والقابل حقيقة ، بأن أوجبَ كلُّ منهما عن نفسه ، وقبل الآخران كذلك أيضاً ، فلا إشكال على الظاهر أيضاً في عدم توقّف فسخ أحدِهما على الآخر ؛ لأنّ كلّاً من الإيجابِ والقبول المتعدّدين بمنزلةِ العقد المستقلّ ، فيختصّ كلُّ عقدٍ بحكم.
ومتى اتّحد العقدُ لفظاً ، وتعدّد وجهُ طرفيه حكماً ، كأنْ وقعَ الإيجاب وحدَه ، أو القبول وحدَهُ ، أو كلاهما من شخصٍ واحد عن نفسه وعن غيره ، أو بالتخالف ، كالمسألةِ المبحوث عنها مثلاً.
فإن كان النزول عن مقتضى العقد من البائع بلفظ التقايل ، اختصّت الإقالةُ بذاتِ المقال خاصّة ، لتعلّق حقّ الموجب بالاثنين ، فمتى أقال أحدُهما ترتّب أثر الإقالة عليه خاصّة ، وبقي تعلّق حقّه بالآخر على أصل اللزوم.
وإنْ كان ذلك النزول بلفظ الفسخ ، بُني الحكم على الخلاف ، في أنّ هذا العقد الواحد المشتمل وجه طرفيه على متعدّد حكماً ، هل هو بحكم العقدِ الواحدِ ؛ لاشتماله على موجب واحد وقابل واحد ، أو بحكم العقدِ المتعدّدِ ؛ لأنّ العبارة الصادرة وإنْ كانت من لسانٍ واحدٍ ، لكنّها عن اثنين ، ولهذا ترتّب حكم العقد من النقل والانتقال وغيرهما على ذلك الآخر وإنْ لم يباشر؟ وجهان ، بل قولان.
فإنْ جعلناه عقداً واحداً انفسخَ العقدُ من أصله بمجرّد الفسخ من أحدهما.
وإنْ جعلناه عقدينِ بطل الأثرُ بالنسبة للمفسوخ عنه ، وبقي الباقي على أصل اللزوم.
وحيث إنّ الأحكام الشرعيّة إنّما تناطُ بالظواهر العرفيّة ، فالظاهر أنّ أهلَ العرف إنّما يحكمون بوحدة العقدِ نظراً لوحدة صيغته ، بل لا يكاد يخطر التعدّد لهم ببال ، لأنّ الحكم بالتعدد إنّما يتنبّه له مَنْ له تفطّن وإلفٌ بالتدقيقات الحكميّة.
وقد تُستفاد شهرة الحكم بالوحدة بتنقيح المناط من مسألة عدم جواز الردّ بالعيب من أحد المشتريين إذا صدر القبولُ من واحدٍ ، سواء عَلمَ البائعُ بتعدّد