قال في ( الرياض ) بعد قول الماتن : ويؤكلُ الربيثا ، والإربيان ، والطمر ، والطبراني ، والإبلامي ما لفظه : ( بلا خلافٍ في شيءٍ منها أجدُهُ ، لكونِ كلّ من هذه الخمسة ذات فَلْسٍ ) (١) .. إلى آخره.
وقال في ( الجواهر ) : ( وأمّا الإربيان : فلا خلاف نصّاً وفتوى في حلّه ) (٢) ، ثمّ استدلّ عليه بخبري يونس (٣) ومحمّد بن جمهور (٤) ، جامداً عليهما ، غير منبِّهٍ على ما يخالفهما.
وأمّا ما في ( البحار ) من نسبةِ حلّه للمشهور ، وأكلِهِ لأهلِ البحرين (٥) ، فالظاهرُ أنّهُ استفاد الخلاف مما مرّ في خبر محمّد بن جمهور ، حيث قال فيه : وأصحابنا يختلفون فيه .. إلى آخره. ولهذا لم ينقل رحمهالله الخلاف عن أحدٍ من المتقدّمين أو المتأخّرين.
وأمّا تخصيصه أكلَه بأهلِ البحرين ، مع اعترافِهِ بأنّ له فَلْساً ، فلا أعرفُ وجهه.
ولعلّ امتناعَ غيرِهم من أكله كراهةً لصورتهِ ، فإنّا وجدنا مَنْ يمتنع من أكل بعض أصناف السّمك الحلال ، مع اعترافه بطيبة ولذّته ، كراهةً لصورته.
فمنهم مَنْ لا يأكلُ سمكاً يسمّى ( الوَحَر ) عند أهل البحرين ، معتلا بأنّه يتوهّمُ منه صورة الوزغ.
ومنهم مَنْ لا يأكُل سمكاً يسمّى عندهم الكاسور ، معتلا بأنّه يتوهّمُ منه صورةُ الحيّة ، لكون رأسه صغيراً كرأسها.
كما أنّ بعضَ الناس لا يأكل الأرز الطيّب ، لأنّه يتوهّم من رائحته رائحة بول الفأر.
ومنهم مَنْ يمتنع من أكل التّوت ، وأكلِ الطعام اللطيف المسمّى عند بعضٍ بـ ( البلاليط ) وعند بعضٍ بـ ( السيويا ) ، متعلّلين بأنّهما على صورةِ الدود.
فلعلّ مَنْ يمتنع من أكل هذا الإربيان لكونه على صورة الدود ، حتى إنّ بعضَهم
__________________
(١) رياض المسائل ٨ : ٢١٩.
(٢) جواهر الكلام ٣٦ : ٢٥٢.
(٣) التهذيب ٩ : ١٣ / ٥٠ ، الوسائل ٢٤ : ١٤١ ، أبواب الأطعمة المحرّمة ، ب ١٢ ، ح ٥.
(٤) الوسائل ٢٤ : ١٤٢ ، أبواب الأطعمة المحرّمة ، ب ١٢ ، ح ١٠.
(٥) البحار ٦٢ : ١٧٨ / بيان.