البسملة من دون تكرار الصلاة مرّتين كالأستاذ الشيخ محمّد حسين بن الشيخ هاشم ، الكاظمي منبعاً ، النجفيّ موضعاً ، في كتابه المسمّى بـ ( هداية الأنام في شرح شرائع الإسلام ) ، تصريحاً منهُما ، وتلويحاً من غيرهما.
وحيث قد ذكرنا حجج ما عدا القولين الأخيرين في رسالتنا المؤلّفة في المسألة المسمّاة بـ ( قرّة العين في حكم البسملة فيما عد الأوليين ) (١) ، وفي ردّ الرسالة التي ألّفها بعضُ المعاصرين في وجوب الإخفات (٢) ، فلنقتصر هُنا على بيان وجه القولين الأخيرين اللذين مرجعهما إلى قولٍ واحدٍ عند التحقيق ، بما يطمئنّ به الناقد البصير ، حيث إنّ بعض الفضلاء أنكروا وجههما بالكلّيّة ، وقالوا : إنّه لا نظير لها في المسائل الفقهيّة ، فنقول :
لا يكاد يخفى على مَنْ خاض في الفقه وأصوله ، ووقفَ من قوانينه وضوابطه وقواعده وعلى محصوله : أنّ لعلماء الإماميّة الاثني عشريّة في القواعد الكلّيّة التي تبتني عليها الأحكام الفروعيّة مسالك مختلفة ، تختلف بها فتاواهم في الأحكام الشرعيّة ، وذلك أنّ المكلّف مطلقاً إذا التفت إلى حكمٍ شرعيّ كلّي أو جزئيّ ، فإمّا أن يحصل له العلمُ به ، أو الظنّ به ، أو الشكّ فيه. فإنْ حصل له العلمُ فلا إشكال في وجوب العمل به ما دام موجوداً ؛ لكونه بنفسه طريقاً منجعلاً للواقع ، ولا تتوقّف طريقيّته على جعل الشارع ، ولا فرق فيه بين خصوصيّاته عالماً ومعلوماً ، وسبباً وزماناً ؛ لأنّه متى كان طريقاً لمتعلّقه ترتّبت عليه أحكامه ، ولم ينه الشارع عن العمل به ، هذا إذا كان طريقاً لمتعلّقه للواقع وكاشفاً عنه.
وأمّا العلمُ الموضوعي : وهو ما اعتبره الشارع قيداً في الموضوع ، فإنّه يتبع في اعتباره إيجاباً كلّيّاً أو جزئيّاً دليل الحكم المأخوذ في موضوعه.
وإنْ حصل له الظنُّ ففي إمكان التعبّد به عقلاً وعدمه الخلافُ المشهور بين ابنِ قبّة (٣) وغيره ، وفي وقوعه مطلقاً عقلاً أو شرعاً أو في الجملة ، المعركةُ العظمى بين المحدّثين والمجتهدين.
__________________
(١) وهي الرسالة السابعة في هذا الكتاب.
(٢) وهي الرسالة الثامنة في هذا الكتاب.
(٣) عنه في معارج الأُصول : ١٤١ ، فرائد الأُصول ١ : ٤٧.