الميل إلى وجوب الاحتياط في مثل الظهر والجمعة ، والقصر والإتمام ، وأورد عليه باستلزام التكليف المجمل المحتمل لأفراد متعدّدة بإرادة فردٍ معيّن عند الشارع مجهول عند المخاطب ، تأخير البيان عن وقت الحاجة قال ما لفظه :
( نعم ، لو فرض حصول الإجماع ، أو ورود النصّ على وجوب شيءٍ معيّن عند الله مردّد عندنا بين أمور من دون اشتراطه بالعلم به ، المستلزم ذلك الفرض لإسقاط قصد التعيين ، لتمّ ذلك ، ولكن لا يحسن حينئذٍ قوله : فلا يبعدُ حينئذٍ القولُ بالوجوب ، بل لا بدّ من القول باليقين والجزم بالوجوب ) (١) .. إلى آخر كلامه.
وأراد بقوله : ( لتمّ ذلك ) وجوب الإتيان بالجميع ، وبالضمير في ( قوله ) المحقّق الخونساري.
وهو صريحٌ في موافقتنا في هذه الصورة ، وإنْ كان ما أورد به على المحقّق المذكور مِنْ استلزام تأخير البيان عن وقت الحاجة في غاية الضعف والقصور ، وكذا ما احتجّ به من استلزام تنجّز التكليف بالأمر المردّد من دون اشتراطه بالعلم إسقاط قصد التعيين في الطاعة :
أمّا الأول : فلعدم مدخليّته في المقام ؛ لعدم الإجمال في الخطاب ، وإنّما طرأ الاشتباهُ في المكلّف به ؛ لتردّده بين أمرين. وإزالة هذا التردّد العارض من جهة اختفاء الأحكام غيرُ واجبٍ على الحكيم العلّام ليقبح تأخيره عن وقت حاجة الأنام ؛ لأمره بالرجوع في كلِّ قضيّة إلى ما قرّره الشارع من القواعد الكلّيّة.
وأما الثاني : فلأنّ سقوط قصد التعيين أنّما حصل بمجرّد التردّد والإجمال في الواجب ، سواء قلنا بالبراءة أو الاحتياط ، وليس ناشئاً عن تنجّز التكليف بالواقع وعدم اشتراطه بالعلم ليتمّ ما ذكره.
وتمامُ الكلام موكول إلى غير هذا المقام ؛ لأنّ المقصود أنّما هو بيان الوجه فيما نقلناه من الاحتياط ، وأنّه ليس ناكباً عن سواء الصراط.
إذا تحقّق هذا ، فنقول : حيث علم اشتغال الذمّة يقيناً بالإتيان بالبسملة ، وكانَتْ ذات فردين جهراً وإخفاتاً ، وكان القول بوجوب كلٍّ منهما موجوداً ، فَمَن حصل له طريقٌ
__________________
(١) القوانين : ٢٧٩.