ولا يرد عليه : أنّ المعتبر قصد التقرّب بالمأتيّ به بالخصوص مع أنّ كلّاً من الفردين عبادة ، فلا معنى لكون الداعي في كلٍّ منهما التقرّب المردّد بين تحقّقه به أو بصاحبه.
لأنّا نقول : إنّ التقرّب من حيث الخصوصيّة أنّما اعتبر في العبادات الواقعيّة ، لا المقدميّة.
نعم ، يرد على الأوّل : أنّ المقصود إحراز الوجه الواقعي المتعلّق بأحدهما العيني الشخصيّ ، مع أنّ المنويّ على ذلك الوجه أنّما هو الوجه المقدّمي ، وهو لا يستلزم قصد الواقعي ، فلم يحصل التقرّب بنفس فعل أحدهما ولو لوحظ الوجوبُ الظاهري ؛ لأنّ مرجعهُ إلى الوجوب الإرشادي.
فإن قيل : إنّ الجمع بين المحتملين يستلزم فعل غير الواجب على جهة العبادة ، للزوم مراعاة القربة في الواجب الواقعي في كلا المحتملين ، فيلزم من الإتيان بكليهما بعنوان العبادة التشريعُ بالنسبة إلى ما عدا الواجب الواقعي ، فيكون محرّماً ، فلا يمكنُ الاحتياط.
قلنا : أوّلاً : إنّما يردُ هذا على مَنْ اعتبر في كلٍّ من المحتملين قصد التقرب والتعبّد به بالخصوص ، وأمّا على ما قلناه من قصد التقرّب بالواجب الواقعي المردّد بينهما ، بأنْ يقصد في كلٍّ منهما فعله ؛ ليتحقّق به أو بصاحبه التقرُّب بذلك الواجب الواقعي ، فلا.
وثانياً : إنّ إشكال التشريع يرتفع بحكم العقل الكاشف عن حكم الشرع بالمطلوبيّة من جهة توقّف تحصيل العلم بفعل الواجب عليه ؛ لوجوب تحصيل اليقين بفعل الواجب ، ويلزم من ذلك وجوب ما يتوقّف عليه اليقين ؛ لأنّ ما يتوقّف عليه الواجب فهو واجبٌ.
وثالثاً : إنّ التشريع المحرّم أنّما هُوَ إدخال ما ليس في الدين بقصد أنّه منه ، وأمّا الإتيانُ بما يحتمل أنّه منه رجاءً لتحصيل المصحلة الواقعية ، فهو جائز خالٍ عن وصمة التشريع بالكلّيّة.
ثمّ إنّ ما ذكرناه من الاحتياط بالجمع والتكرار بناءً على دخولها تحت قاعدة