وأمّا الشيعة ؛ فهي وإن كانت في عصرنا تنصرف إلى الفرقة الناجية من الإماميّة ، وليست باقية على ما لها من المعنى في الصدر الأوّل وهو مطلق من شايع عليّا عليهالسلام وقدّمه على غيره ، ولكن يقع الكلام فيها أيضا من حيث إنّه تنصرف إليهم مطلقا ولو كان الواقف من غيرنا من فرق الشيعة أو لا ، بل فيه من الجهة المذكورة ينصرف إلى أهل نحلته.
وما يوضح البحث هو أنّه : لو كان الوجه في الإطلاق (١) المزبور هو الانصراف لا النّقل عن معناه الأصلي فحينئذ لا ينبغي التأمّل في أنّه من كلّ طائفة يصدر ؛ يحمل على معناه العامّ لما بيّنا في لفظ المسلمين ، فهنا أيضا لأجل وجود نوع الأخصّ تحت لفظة الشيعة ، فالعدول عنه والتعبير بها يكشف عن إرادة المعنى العامّ وتصير قرينة عليها ، فيمنع عن تأثير الانصراف الناشئ عن النفقة والاسترحام ، أو لا أقلّ من أن يزاحمه فيؤثّر ما هو المقتضى لطبع اللفظ من الإطلاق ، ولو كان سبب ظهورها ودلالتها على المعنى المصطلح فعلا هو كثرة الاستعمال والإطلاق أو النقل بحيث صار المعنى الخاص بمعنى الوضع الثانوي ؛ فحينئذ لا محيص عن حمله عليه عن كل طائفة يصدر سواء كانت من الفرقة المحقّة أو سائر الفرق ، ضرورة أنّ اللفظ يحمل على المعنى الموضوع له ولا اختصاص له بنحلة دون نحلة.
ولمّا كان الظاهر هو الاحتمال الثاني فلا بد من العمل بما يكون اللفظ ظاهرا فيه ، سواء كان الواقف من الفرقة المحقّة للشيعة أو غيرها ، فهكذا ينبغي تحرير المقام كما لا يخفى والله العالم.
__________________
(١) ظهوره في المعنى الخاص ، «منه رحمهالله».