الكرّ والسفر وحدّ الوطن ـ هو الإخبار عن الواقع والتعيين للمصداق ، فحينئذ لا فرق بين الآثار الشرعيّة الّتي رتّبها الشارع وما رتّبها المكلّفون ، كما لا يخفى.
وثانيا : مع تسليم المعنى الثاني بأن يكون تعبّدا محضا لا وجه لانصرافه إلى ما ذكر من الآثار بل يشمل كلّ ما وقع اللفظ موضوعا للأمر الشرعي ، كما في المقام حيث إنّ ببركة تحديد الشارع يتعيّن موضوع (أَوْفُوا) .. إلى آخره.
نعم ؛ لا بدّ حينئذ من التفصيل بين الشك في الزيادة على ما حدّده الشارع ونقصانه فإذا اقتضى التحديد العرفي مثلا (١).
هذا كلّه ؛ فيما إذا احرز كون نظر الواقف إلى الموضوع الواقعي ، لا للفظ واستعماله في المفهوم العرفي بلا أن يرى له حدّا خاصّا ، وإلّا فالمناط ما هو منظوره ، ولا وجه لانصرافه إلى غيره سواء كان تحديدا حقيقيّا شرعيّا ، أو مفهوميّا عرفيّا لأنّ الوقوف تابعة للقصود ، وقد تقدّم الوجه فيه أيضا وكيف كان ؛ مسألة جريان التحديد من الخارج إنّما يكون عند الاشتباه وإطلاق المراد.
ثمّ إنّ المناط في التحديد الشرعي بناء على المصير إليه كما هو التحقيق ما عليه المشهور من أربعين ذراعا (٢) لأربعين دارا وإن كان ذهب إليه بعض (٣) ، ولكنّه شاذّ والأخبار الواردة عليه معرض عنها (٤).
ويؤيّد الأوّل ؛ ـ مضافا إلى ما تقدّم ـ أنّه لا خفاء في أنّ لفظ «الجيران»
__________________
(١) العبارة هنا غير وافية ، ونقصانها من أصل الرسالة.
(٢) ولكن إلى الآن مدركه لم يظهر لنا وإن قال الشهيد الثاني قدسسره : له مدرك ضعيف ، فحينئذ يلزم المراجعة إن شاء الله ، «منه رحمهالله» ، مسالك الإفهام : ٥ / ٣٤٣.
(٣) شرائع الإسلام : ٢ / ٢١٥ ، جواهر الكلام : ٢٨ / ٤١ و ٤٢.
(٤) وسائل الشيعة : ١٢ / ١٣٢ الباب ٩٠ من أبواب أحكام العشرة.